للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَدِّ فَوْقَ شَفَقَةِ الْقَاضِي، لأَِنَّ شَفَقَتَهُ تَنْشَأُ عَنِ الْقَرَابَةِ وَالْقَاضِي أَجْنَبِيٌّ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ شَفَقَةَ الْقَرِيبِ عَلَى قَرِيبِهِ فَوْقَ شَفَقَةِ الأَْجْنَبِيِّ، وَكَذَا شَفَقَةُ وَصِّيهِ لأَِنَّهُ مَرْضِيُّ الْجَدِّ وَخَلَفُهُ، فَكَانَ شَفَقَتُهُ مِثْل شَفَقَتِهِ، وَإِذَا كَانَ مَا جُعِل لَهُ الْوِلاَيَةُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَانَتِ الْوِلاَيَةُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ضَرُورَةً، لأَِنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى حَسَبِ تَرْتِيبِ الْعِلَّةِ.

وَلَيْسَ لِمَنْ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ الأُْمِّ وَالأَْخِ وَالْعَمِّ وَغَيْرِهِمْ وِلاَيَةُ التَّصَرُّفِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ، لأَِنَّ الأَْخَ وَالْعَمَّ قَاصِرَا الشَّفَقَةِ، وَفِي التَّصَرُّفَاتِ تَجْرِي جِنَايَاتٌ لاَ يَهْتَمُّ لَهَا إِلاَّ ذُو الشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ، وَالأُْمُّ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا وُفُورُ الشَّفَقَةِ لَكِنْ لَيْسَ لَهَا كَمَال الرَّأْيِ لِقُصُورِ عَقْل النِّسَاءِ عَادَةً فَلاَ تَثْبُتُ لَهُنَّ وِلاَيَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال، وَلاَ لِوَصِيِّهِنَّ لأَِنَّ الْوَصِيَّ خَلَفَ الْمُوصِي قَائِمٌ مَقَامَهُ، فَلاَ يَثْبُتُ لَهُ إِلاَّ قَدْرُ مَا كَانَ لِلْمُوصِي، وَهُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَالْحِفْظُ لَكِنْ عِنْدَ عَدَمِ هَؤُلاَءِ. (١)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: هِيَ لِلأَْبِ ثُمَّ وَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ الْوَصِيِّ وَإِنْ بَعُدَ، ثُمَّ لِلْحَاكِمِ أَوْ وَصِيَّهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْجَدِّ وَلاَ لِلأَْخِ وَلاَ لِلْعَمِّ إِلاَّ بِإِيصَاءٍ مِنَ الأَْبِ. (٢)


(١) بدائع الصنائع ٥ ١٥٥.
(٢) المنتقى للباجي ٦ ١٠٦،١٠٧، والشرح الصغير ٢ ٣٨٩ ـ ٣٩١.