للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي الضَّرْبِ عِنْدَ مَشْرُوعِيَّةِ اللُّجُوءِ إِلَيْهِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ تَحْقِيقُهُ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوَّةِ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلاَ شَاقٍّ، وَأَنْ يَتَوَقَّى فِيهِ الْوَجْهَ وَالْمَوَاضِعَ الْمُهْلِكَةَ. (١)

قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: وَمِنْ أَمْثِلَةِ الأَْفْعَال الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ مَعَ رُجْحَانِ مَصَالِحِهَا عَلَى مَفَاسِدِهَا: ضَرْبُ الصِّبْيَانِ عَلَى تَرْكِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ. فَإِنْ قِيل: إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لاَ يُصْلِحُهُ إِلاَّ الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ، فَهَل يَجُوزُ ضَرْبُهُ تَحْصِيلاً لِمَصْلَحَةِ تَأْدِيبِهِ؟ قُلْنَا: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ. بَل لاَ يَجُوزُ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، لأَِنَّ الضَّرْبَ الَّذِي لاَ يُبْرِّحُ مَفْسَدَةٌ، وَإِنَّمَا جَازَ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى مَصْلَحَةِ التَّأْدِيبِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُل التَّأْدِيبُ بِهِ، سَقَطَ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ كَمَا يَسْقُطُ الضَّرْبُ الشَّدِيدُ، لأَِنَّ الْوَسَائِل تَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَقَاصِدِ. (٢)

ثُمَّ إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوا جَوَازَ ضَرْبِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَزِمَ ضَرْبُهُ بِأَنْ يَكُونَ بِالْيَدِ فَقَطْ، فَلاَ يَضْرِبُهُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِهَا مِنْ سَوْطٍ أَوْ عَصًا. وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ


(١) جامع أحكام الصغار ١ ١٣٨، وتحفة المحتاج ٩ ١٧٩، وروضة الطالبين ١٠ ١٧٥.
(٢) قواعد الأحكام ١ ١٠٢، وانظر أيضاً روضة الطالبين ١٠ ١٧٥.