للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَاتَ الثَّانِي أَيْضًا فَهِيَ لِلثَّالِثِ، فَإِنْ مَاتَ الإِْمَامُ وَبَقِيَ الثَّلاَثَةُ أَحْيَاءً وَانْتَصَبَ الأَْوَّل لِلْخِلاَفَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْهَدَ بِهَا إِلَى غَيْرِ الأَْخِيرَيْنِ، لأَِنَّهَا لَمَّا انْتَهَتْ إِلَيْهِ صَارَ أَمْلَكَ بِهَا.

أَمَّا إِذَا مَاتَ وَلَمْ يَعْهَدْ إِلَى أَحَدٍ فَلَيْسَ لأَِهْل الْبَيْعَةِ أَنْ يُبَايِعُوا غَيْرَ الثَّانِي. وَيُقَدَّمُ عَهْدُ الإِْمَامِ الأَْوَّل عَلَى اخْتِيَارِهِمْ. (١) وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي الاِسْتِخْلاَفِ مُوَافَقَةُ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ فِي حَيَاةِ الإِْمَامِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، بَل إِذَا ظَهَرَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ بَيْعَتُهُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ غَيْرِهِ، وَلاَ مُشَارِكَةِ أَحَدٍ. وَإِنْ جَعَل الإِْمَامُ الأَْمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ حَكَّمَهُ فَكَاسْتِخْلاَفٍ، وَلاَ يَضُرُّ كَوْنُ الْمُسْتَخْلَفِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الإِْمَامِ فَيُعَيِّنُونَهُ لِلْخِلاَفَةِ. (٢) كَمَا جَعَل عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الأَْمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ: عَلِيٍّ، وَالزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ، وَطَلْحَةَ، فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا. (٣) أَمَّا قَبْل مَوْتِ الإِْمَامِ فَلَيْسَ لأَِهْل الشُّورَى أَنْ


(١) مغني المحتاج ٤ ١٣١، وشرح روض الطالب ٤ ١٠٩.
(٢) حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ٧ ٣٩١.
(٣) أثر عمر: أخرجه البخاري في قصة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه (فتح الباري ٧ ٥٩ ـ ٦٣) .