للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُنْكَرِ أَوْ سَمَاعِهِ بِلاَ حَاجَةٍ. (١)

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ عَلَيْهَا لَهْوٌ إِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْل الْحُضُورِ لاَ يُجِيبُ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ حَقُّ الإِْجَابَةِ. (٢)

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ جَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ: الأَْوْلَى أَنْ لاَ يَحْضُرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ وَلاَ يَسْتَمِعَ وَيُنْكِرَ بِقَلْبِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ يُضْرَبُ الْمُنْكَرُ فِي جِوَارِهِ فَلاَ يَلْزَمُهُ التَّحَوُّل وَإِنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ الْحُضُورِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا أَحَشَمَهُمْ حُضُورُهُ فَكَفُّوا وَأَقْصَرُوا، وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ دُعِيَا إِلَى وَلِيمَةٍ فَسَمِعَا مُنْكَرًا فَقَامَ مُحَمَّدُ لِيَنْصَرِفَ فَجَذَبَهُ الْحَسَنُ وَقَال: اجْلِسْ وَلاَ يَمْنَعُكَ مَعْصِيَتُهُمْ مِنْ طَاعَتِكَ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ وُجُودَ الْمُنْكَرِ قَبْل حُضُورِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ يَزُول بِحُضُورِهِ لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ جَاهٍ فَلْيَحْضُرْ وُجُوبًا، إِجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَلاَ يَمْنَعُ الْوُجُوبُ وُجُودَ مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ لِلإِْزَالَةِ فَقَطْ.

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْمُنْكَرِ يَمْنَعُ


(١) روضة الطالبين ٧ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥، والحاوي ١٢ / ١٩٩.
(٢) الاختيار ٤ / ١٧٦، وانظر الفتاوى الهندية ٥ / ٣٤٣، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٢٢٢.