للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمُنْكَرِ حَتَّى حَضَرَ أَزَالَهُ وَجَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِجَابَةً لِلدَّعْوَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِزَالَتِهِ انْصَرَفَ لِئَلاَّ يَكُونَ قَاصِدًا لِرُؤْيَتِهِ أَوْ سَمَاعِهِ (١) ، وَرَوَى نَافِعٌ قَال: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ مِزْمَارًا فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَال لِي: يَا نَافِعُ هَل تَسْمَعُ شَيْئًا؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَال: فَرَفَعَ أُصْبُعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ وَقَال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِثْل هَذَا فَصَنَعَ مِثْل هَذَا (٢) .

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ فِي الْمَنْزِل فَإِنْ قَدِرَ الْمَدْعُوُّ عَلَى الْمَنْعِ فَعَل وَإِلاَّ صَبَرَ مَعَ الإِْنْكَارِ بِقَلْبِهِ، هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقْتَدًى بِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْعِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَلاَ يَقْعُدُ لأَِنَّ فِيهِ شَيْنُ الدِّينِ. (٣)

أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُنْكَرُ عَلَى الْمَائِدَةِ فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْعُدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدًى بِهِ، بَل يَخْرُجُ مُعْرِضًا. (٤) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٥) } .


(١) مغني المحتاج ٣ / ٢٤٧، ومطالب أولي النهى ٥ / ٢٣٧.
(٢) حديث نافع قال: سمع ابن عمر مزماراً أخرجه أبو داود (٥ / ٢٢٢ ـ ط حمص) وقال أبو داود: هذا حديث منكر.
(٣) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٥ / ٢٢١.
(٤) الفتاوى الهندية ٥ / ٢٤٣، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٢٢١.
(٥) سورة الأنعام / ٦٨.