للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى بَنِي فُلاَنٍ، فَإِنْ كَانَ يَتَامَاهُمْ يُحْصَوْنَ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لأَِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ وَقَعَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مَعْلُومِينَ فَأَمْكَنَ إِيقَاعُهَا تَمْلِيكًا لَهُمْ فَصَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى هَذِهِ السِّكَّةِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ.

وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْيَتَامَى الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لأَِنَّ الْيَتِيمَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، وَهَذَا لاَ يَتَعَرَّضُ لِلْفَقْرِ وَالْغِنَى قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا (١) } ، وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " ابْتَغُوا بِأَمْوَال الْيَتَامَى، لاَ تَأْكُلَهَا الصَّدَقَةُ " (٢) . فَقَدْ سُمُّوا يَتَامَى وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ فَكُل صَغِيرٍ مَاتَ أَبُوهُ يَدْخُل تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ لاَ فَلاَ.

وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ وَهَذَا الأَْشْبَهُ.

وَأَمَّا إِنْ كَانُوا لاَ يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَتُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لأَِنَّهَا لَوْ صُرِفَتْ إِلَى الأَْغْنِيَاءِ


(١) سورة النساء ١٠.
(٢) أثر عمر رضي الله عنه: " ابتغوا بأموال اليتامى. . " أخرجه الدارقطني (٢ / ١١٠) والبيهقي (٤ / ١٠٦) ، وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح.