للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَسْتَعْمِلُهَا أَكْثَرَ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، حَتَّى لَوْ فَعَل فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، لأَِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الإِْطْلاَقِ لَكِنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دَلاَلَةً، كَمَا يَتَقَيَّدُ نَصًّا.

وَلاَ يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ تَأْجِيرَ الْعَارِيَّةِ، فَإِنْ أَجَّرَهَا وَسَلَّمَهَا إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُسْتَأْجِرُ، لَكِنْ إِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.

وَإِذَا قَيَّدَ الْمُعِيرُ الإِْعَارَةَ تَقَيَّدَتْ بِمَا قَيَّدَهَا بِهِ.

فَإِنْ خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ، وَعَطِبَتِ الدَّابَّةُ ضَمِنَ بِالاِتِّفَاقِ. وَإِنْ خَالَفَ وَسُلِّمَتْ فَهُنَاكَ اتِّجَاهَانِ: الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ أَجْرَ مَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ أَوِ الْحَمْل (١) وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ.

وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَنَفِيَّةُ لِهَذَا الْفَرْعِ فِي كِتَابِ الإِْعَارَةِ وَلَكِنْ تَعَرَّضُوا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الإِْجَارَةِ فَقَالُوا: " إِذَا زَادَ عَلَى الدَّابَّةِ شَيْئًا غَيْرَ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَسُلِّمَتْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَحِل لَهُ الزِّيَادَةُ إِلاَّ بِرِضَى الْمُكَارِي ". (٢)

وَلَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنَ الإِْعَارَةِ وَالإِْجَارَةِ فِيهِ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَكَانَ أَخْذُ الأَْجْرِ فِي الإِْجَارَةِ مُسَلَّمًا وَفِي الإِْعَارَةِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ، لأَِنَّهَا مِنْ بَابِ الإِْحْسَانِ وَالتَّبَرُّعِ، فَإِنَّ عَدَمَ وُجُوبِ أَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ يَكُونُ فِي الإِْعَارَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.

فَإِذَا أَعَارَ إِنْسَانًا دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْمُسْتَعِيرُ


(١) الزرقاني والبناني ٦ / ١٣٢، ونهاية المحتاج ٥ / ١٢٧، ١٢٨، والمغني ٥ / ٢٣٢.
(٢) ابن عابدين ٤ / ٧٧٠، والبدائع ٨ / ٣٩٠٠ - ٣٩٠١. واللجنة ترى أن هذه الأحكام بما فيها من تفصيلات يمكن أن تجري على السيارات وسائر وسائل النقل الحديثة.