للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ، قُبِل فِي الأَْصَحِّ وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ. وَقِيل: لاَ يُقْبَل فِيهِمَا، لأَِنَّ الأَْوَّل لاَ قِيمَةَ لَهُ فَلاَ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ " عَلَيَّ "، وَالثَّانِي: لَيْسَ بِمَالٍ، وَظَاهِرُ الإِْقْرَارِ الْمَال. (١) وَقَالُوا: لاَ يُقْبَل تَفْسِيرُهُ بِنَحْوِ عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَرَدِّ سَلاَمٍ، إِذْ لاَ مُطَالَبَةَ بِهِمَا، وَهُمْ يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مِمَّا يَجُوزُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ (٢) . أَمَّا لَوْ كَانَ قَال: لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ، فَإِنَّهُ يُقْبَل لِشُيُوعِ الْحَقِّ فِي اسْتِعْمَال كُل ذَلِكَ. (٣)

وَكَذَلِكَ يُصَرِّحُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ مَتَى فَسَّرَ إِقْرَارَهُ بِمَا يُتَمَوَّل فِي الْعَادَةِ قُبِل تَفْسِيرُهُ وَثَبَتَ، إِلاَّ أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَيَدَّعِيَ جِنْسًا آخَرَ أَوْ لاَ يَدَّعِيَ شَيْئًا، فَبَطَل إِقْرَارُهُ، وَكَذَا إِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ غَيْرِ جَائِزٍ اقْتِنَاؤُهُ فَكَذَلِكَ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ، الأَْوَّل: يُقْبَل لأَِنَّهُ شَيْءٌ يَجِبُ رَدُّهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لاَ يُقْبَل، لأَِنَّ الإِْقْرَارَ إِخْبَارٌ عَمَّا يَجِبُ ضَمَانُهُ وَهَذَا لاَ يَجِبُ ضَمَانُهُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ فَسَّرَهُ بِحَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَمْ يُقْبَل، لأَِنَّ هَذَا لاَ يُتَمَوَّل عَادَةً عَلَى انْفِرَادِهِ. وَقَالُوا أَيْضًا: إِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ قُبِل، لأَِنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ وَيَئُول إِلَى مَالٍ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَدِّ قَذْفٍ قُبِل، لأَِنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ عَلَيْهِ - وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالشَّافِعِيَّةِ - غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِالنِّسْبَةِ لِحَدِّ الْقَذْفِ: يَحْتَمِل أَلاَّ يُقْبَل لأَِنَّهُ لاَ يَئُول إِلَى مَالٍ، وَالأَْوَّل أَصَحُّ وَإِنْ فَسَّرَهُ بِرَدِّ سَلاَمٍ أَوْ تَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْبَل - خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ - لأَِنَّهُ يَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ فَلاَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَقَالُوا:


(١) نهاية المحتاج٥ / ٨٦، ٨٧.
(٢) نهاية المحتاج ٥ / ٨١.
(٣) نهاية المحتاج ٥ / ٨٨.