للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَجِّ، وَكَمَنْ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ فَنَوَى وَكَبَّرَ فَقَدْ عَقَدَهَا لِرَبِّهِ بِالْفِعْل (١) .

كَذَلِكَ يَكُونُ الاِلْتِزَامُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ (الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي بَيْتٍ لَهَا، فَسَكَنَ الزَّوْجُ مَعَهَا، فَلاَ كِرَاءَ عَلَيْهِ، إِلاَّ إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا سَاكِنَةٌ بِالْكِرَاءِ (٢) .

وَيُلاَحَظُ أَنَّ أَغْلَبَ الاِلْتِزَامَاتِ قَدْ مُيِّزَتْ بِأَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ، فَالاِلْتِزَامُ بِتَسْلِيمِ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ بَيْعٌ، وَبِدُونِهِ هِبَةٌ أَوْ عَطِيَّةٌ أَوْ صَدَقَةٌ، وَالاِلْتِزَامُ بِالتَّمْكِينِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ إِجَارَةٌ، وَبِدُونِهِ إِعَارَةٌ أَوْ وَقْفٌ أَوْ عُمْرَى، وَسُمِّيَ الْتِزَامُ الدَّيْنِ ضَمَانًا، وَنَقْلُهُ حَوَالَةً، وَالتَّنَازُل عَنْهُ إِبْرَاءً، وَالْتِزَامُ طَاعَةِ اللَّهِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ - نَذْرًا (٣) وَهَكَذَا،

وَلِكُل نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الاِلْتِزَامَاتِ صِيَغٌ خَاصَّةٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَرِيحَةً أَمْ كِنَايَةً تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَتُنْظَرُ فِي أَبْوَابِهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَلْفَاظًا خَاصَّةً تُعْتَبَرُ صَرِيحَةً فِي الاِلْتِزَامِ وَهِيَ: الْتَزَمْتُ، أَوْ أَلْزَمْتُ نَفْسِي. وَمِنْهَا أَيْضًا لَفْظُ (عَلَيَّ) أَوْ (إِلَيَّ) ، جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ (٤) فِي بَابِ الْكَفَالَةِ لَوْ قَال: عَلَيَّ أَوْ إِلَيَّ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ، لأَِنَّهَا صِيغَةُ الاِلْتِزَامِ، وَقَال مِثْل ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ. وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ (٥) : شَرْطُ الصِّيغَةِ فِي الإِْقْرَارِ لَفْظٌ


(١) إعلام الموقعين ٢ / ١٣٢، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٥٢٦، والقواعد لابن رجب / ٢٣٣.
(٢) فتح العلي المالك ١ / ٢٤٨.
(٣) فتح العلي المالك ١ / ٢١٨ ط دار المعرفة.
(٤) الهداية ٣ / ٨٧، وابن عابدين ٤ / ٢٥٣.
(٥) نهاية المحتاج ٥ / ٧٦، ٨ / ٢٠٩، وقليوبي ٢ / ٣٢٩.