للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيْعُهَا، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَالْمَيْتَةِ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ (١) وَقَال: بُعِثْتُ بِمَحْقِ الْقَيْنَاتِ وَالْمَعَازِفِ (٢) كَمَا أَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ، وَالْمُحَرَّمُ لاَ يُقَابَل بِشَيْءٍ، مَعَ وُجُوبِ إِبْطَالِهَا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ (٣) .

وَيَرَى الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَصْنُوعَةٍ؛ لأَِنَّهَا كَمَا تَصْلُحُ لِلَّهْوِ وَالْفَسَادِ فَإِنَّهَا تَصْلُحُ لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَكَانَ مَالاً مُتَقَوِّمًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (٤) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ فِي السَّرِقَةِ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْقَوْل بِالضَّمَانِ، إِذْ قَالُوا: وَلاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ آلَةِ لَهْوٍ كَطُنْبُورٍ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُ بَعْدَ الْكَسْرِ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ حَدَّ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ (٥) .

وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَصْنُوعَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.


(١) حديث " إن الله حرم بيع الخمر. . . " رواه الشيخان وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولا عام الفتح بمكة: " إن الله ورسوله حرم. . . " الحديث، وفيه زيادة (جامع الأصول ١ / ٤٤٧، ٤٤٨)
(٢) رواه أحمد والحارث ابن أبي أسامة بلفظ " وأمرني أن أمحو المزامير والمعازف ورواه بنحوه الطيالسي (مسند أحمد ٥ / ٢٥٧، ٢٦٨ ط الميمنية، وكف الرعاع مع الزواجر ١ / ٩ ط المطبعة الأزهرية. وتفسيرالقرطبي ١٤ / ٥٣)
(٣) البدائع ٧ / ١٦٧ - ١٦٨ وابن عابدين ٥ / ١٤٦، ونهاية المحتاج ٥ / ١٦٦ - ١٦٧، والمغني مع الشرح الكبير ٥ / ٤٤٥ - ٤٤٦
(٤) البدائع ٧ / ١٦٧
(٥) الشرح الصغير ٤ / ٤٧٤، والحطاب ٧ / ٣٠٧