للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طِوَال الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ حَتَّى تَنْتَهِيَ، فَمَنْ أَجَّرَ دَارًا لِمُدَّةِ شَهْرٍ أَصْبَحَ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ الاِنْتِفَاعُ بِالدَّارِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُلْتَزِمِ - وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ - أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَسْلِيمِ الدَّارِ قَبْل انْتِهَاءِ الأَْجَل الْمَضْرُوبِ. (١)

وَإِذَا كَانَ أَجَل إِضَافَةٍ، فَإِنَّ تَنْفِيذَ الاِلْتِزَامِ لاَ يَبْدَأُ إِلاَّ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل، فَالدَّيْنُ الْمُؤَجَّل إِلَى رَمَضَانَ يَمْنَعُ الدَّائِنَ مِنَ الْمُطَالَبَةِ قَبْل دُخُول رَمَضَانَ. فَإِذَا حَل الأَْجَل وَجَبَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ بِالدَّيْنِ الْوَفَاءُ، وَصَارَ مِنْ حَقِّ الدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنِهِ. (٢)

وَالتَّصَرُّفَاتُ تَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْجَل تَوْقِيتًا أَوْ إِضَافَةً، فَمِنْهَا مَا هُوَ مُؤَقَّتٌ أَوْ مُضَافٌ بِطَبِيعَتِهِ، كَالإِْجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُنْجَزٌ وَلاَ يَقْبَل التَّأْقِيتَ بِحَالٍ كَالصَّرْفِ وَالنِّكَاحِ، وَإِذَا دَخَلَهُمَا التَّأْقِيتُ بَطَلاَ، وَيَكُونُ أَثَرُ التَّأْقِيتِ هُنَا بُطْلاَنَ الأَْجَل.

وَأَمَّا الْعَقْدُ فَيَبْطُل فِي الصَّرْفِ إِجْمَاعًا. وَفِي النِّكَاحِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ. (٣)

وَمِنْهَا مَا يَكُونُ الأَْصْل فِيهِ التَّنْجِيزَ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ إِرْفَاقًا فَيَتَغَيَّرُ أَثَرُ الاِلْتِزَامِ مِنَ التَّسْلِيمِ الْفَوْرِيِّ إِلَى تَأْخِيرِهِ إِلَى الأَْجَل الْمُحَدَّدِ.

عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل التَّأْجِيل يُشْتَرَطُ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ: أَنْ يَكُونَ الأَْجَل مَعْلُومًا، إِذْ فِي الْجَهَالَةِ غَرَرٌ يُؤَدِّي إِلَى النِّزَاعِ، وَأَلاَّ يُعْتَاضَ عَنِ الأَْجَل، إِذِ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ يُؤَدِّي إِلَى الرِّبَا.


(١) الهداية ٣ / ٢٣١ وما بعدها، وبداية المجتهد ٢ / ٢٢٩، والمغني ٥ / ٤٣٤.
(٢) الأشباه لابن نجيم ٢٦٥، ٢٥٧، والمنثور ١ / ٩٢.
(٣) المنثور ١ / ٩٢، وبداية المجتهد ٢ / ١٩٧، وأشباه السيوطي ص ٣٠٧، ٣٠٨، والبدائع ٥ / ١٧٤.