للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّرْعِ عَائِدٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ. لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ (١) وَلأَِنَّهَا أَفْسَدَتْ وَلَيْسَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ كَانَ الإِْتْلاَفُ نَهَارًا، أَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَ الزَّرْعِ. وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا رَوَى مَالِكٌ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْل الأَْمْوَال حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتْهُ بِاللَّيْل فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ (٢) ، وَلأَِنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْل الْمَوَاشِي إِرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلاً، وَعَادَةُ أَهْل الْحَوَائِطِ (الْبَسَاتِينِ) وَالزُّرُوعِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْل، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلاً كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الْحِفْظِ.

٣٠ - أَمَّا إِذَا أَتْلَفَتِ الزَّرْعَ نَهَارًا، وَكَانَتْ وَحْدَهَا، فَلاَ ضَمَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، إِذْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ حِفْظُ الزَّرْعِ نَهَارًا، فَكَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْل الزَّرْعِ. وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْعَادَةِ. وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ لَمْ تُعْرَفْ بِالاِعْتِدَاءِ، وَإِلاَّ ضَمِنَ لِعَدَمِ حِفْظِهَا بِرَبْطِهَا رَبْطًا مُحْكَمًا.

٣١ - وَإِذَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ شَيْئًا غَيْرَ الزَّرْعِ، وَكَانَ


(١) حديث " العجماء جرحها جبار " رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن عن أبي هريرة، وفيه زيادة. (فيض القدير ٤ / ٣٧٦)
(٢) حديث: " أن ناقة للبراء دخلت. . . " رواه مالك باختلاف يسير عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة مرسلا، ورواه عبد الرزاق. (شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك ٤ / ٣٦، ٣٧ ط الاستقامة بالقاهرة ١٣٧٩ هـ)