للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَفْسِهِ " (١) وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقِيدُ مِنْ نَفْسِهِ. وَالإِْمَامُ وَالْمُعْتَدَى عَلَيْهِ نَفْسَانِ مَعْصُومَتَانِ كَسَائِرِ الرَّعِيَّةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا يُقَامُ عَلَى سَائِرِ النَّاس لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ، وَيَتَوَلَّى التَّنْفِيذَ عَلَيْهِ مَنْ يَتَوَلَّى الْحُكْمَ عَنْهُ. (٢) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لأَِنَّ الْحَدَّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالإِْمَامُ نَفْسُهُ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِإِقَامَتِهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، لأَِنَّ إِقَامَتَهُ تَسْتَلْزِمُ الْخِزْيَ وَالنَّكَال وَلاَ يَفْعَل أَحَدٌ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، بِخِلاَفِ حَقِّ الْعِبَادِ. أَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَقَالُوا: الْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْحُدُودِ، فَإِقَامَتُهُ إِلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ. (٣) وَلاَ وِلاَيَةَ لأَِحَدٍ عَلَيْهِ لِيَسْتَوْفِيَهُ، وَفَائِدَةُ الإِْيجَابِ الاِسْتِيفَاءُ، فَإِذَا تَعَذَّرَ لَمْ يَجِبْ. وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْحَدِّ، وَبَيْنَ الْقِصَاصِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ بِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَيَسْتَوْفِيهِمَا صَاحِبُ الْحَقِّ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ، بَل الإِْمْكَانُ وَالتَّمَكُّنُ، وَيَحْصُل ذَلِكَ بِتَمْكِينِهِ مِنْ نَفْسِهِ، إِنِ احْتَاجَ إِلَى مَنَعَةٍ. (٤) فَالْمُسْلِمُونَ مَنَعَتُهُ، فَبِهِمْ يَقْدِرُ عَلَى


(١) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد من نفسه. . . . . "،. أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عمر رضي الله عنه بلفظ " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. أقص - وفي النسائي: يقص - من نفسه " وفي إسناده أبو فراس: وهو مجهول. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: لا يعر وسنن النسائي ٨ / ٣٤ ط إستانبول، وميزان الاعتدال ٤ / ٥٦١، وجامع الأصول ٤ / ٨٢، ٨٣، ١٠ / ٢٧٤)
(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٥٢
(٣) فتح القدير ٤ / ١٦٠، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٥٨
(٤) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٥٨، وفتح القدير ٤ / ١٦٠ - ١٦١