للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْرِ جِنَايَتِهِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهَا يَبْقَى عَلَى الْعِصْمَةِ، فَيَحْرُمُ اسْتِيفَاؤُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِتَحْرِيمِهِ قَبْلَهَا، وَمِنْ ضَرُورَةِ الْمَنْعِ مِنَ الزِّيَادَةِ الْمَنْعُ مِنَ الْقِصَاصِ، لأَِنَّهَا مِنْ لَوَازِمِهِ. وَهَكَذَا كُل مَا كَانَ فِيهِ الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مُتْلَفًا، فَلاَ قَوَدَ فِيهِ. كَمَا أَنَّهُ لاَ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ بِآلَةٍ يُخْشَى مِنْهَا الزِّيَادَةُ، كَأَنْ تَكُونَ سَامَّةً أَوْ كَالَّةً، لِمَا رَوَى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (١) .

وَلِخَوْفِ التَّلَفِ يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ الْمُفْرِطِ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ، وَمَرَضِ الْجَانِي، وَحَتَّى تَضَعَ الْحَامِل (٢) .

وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (قِصَاص) .

وَكَذَلِكَ الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لإِِقَامَةِ حَدِّ الْجَلْدِ، إِذْ يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَكُونَ فِي إِقَامَةِ حَدِّ الْجَلْدِ خَوْفُ الْهَلاَكِ؛ لأَِنَّ هَذَا الْحَدَّ شُرِعَ زَاجِرًا لاَ مُهْلِكًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يُقَامُ حَدُّ الْجَلْدِ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَلاَ عَلَى مَرِيضٍ حَتَّى يَبْرَأَ، وَلاَ عَلَى حَامِلٍ حَتَّى تَضَعَ (٣) .

(ر: حَدّ وَجَلْد)


(١) حديث: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء. . . . " أخرجه مسلم من حديث شداد بن أوس مرفوعا. (صحيح مسلم ٣ / ١٥٤٨ ط عيسى الحلبي)
(٢) المغني ٧ / ٦٩٠، ٧٠٣، ٧٢٧، والبدائع ٧ / ٢٩٧، والدسوقي ٤ / ٢٥٠ وما بعدها، والمواق بهامش الحطاب ٦ / ٢٥٣ نشر النجاح، والمهذب ٢ / ١٧٩، ١٨٥
(٣) البدائع ٧ / ٥٩، والمواق بهامش الحطاب ٦ / ٢٥٣، والمهذب ٢ / ٢٧١، والمغني ٨ / ١٧١، ١٧٣