للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَقَل الرَّازِيُّ رِوَايَةً عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْجَنَّةَ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيل اللَّهِ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَال: فِي الْجَنَّةِ، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ قَاتَل حَتَّى قُتِل (١) .

كَذَلِكَ قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي جَوَازُهُ؛ لأَِنَّ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ:

الأَْوَّل: طَلَبُ الشَّهَادَةِ.

الثَّانِي: وُجُودُ النِّكَايَةِ.

الثَّالِثُ: تَجْرِئَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ.

الرَّابِعُ: ضَعْفُ نُفُوسِ الأَْعْدَاءِ، لِيَرَوْا أَنَّ هَذَا صُنْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَمَا ظَنُّكَ بِالْجَمِيعِ (٢) .

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ: إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا حَارَبَ قُتِل، وَإِذَا لَمْ يُحَارِبْ أُسِرَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِتَال، لَكِنَّهُ إِذَا قَاتَل حَتَّى قُتِل جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَنْكِيَ فِيهِمْ. أَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يَنْكِي فِيهِمْ فَإِنَّهُ لاَ يَحِل لَهُ أَنْ يَحْمِل عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُ لاَ يَحْصُل بِحَمَلَتِهِ شَيْءٌ مِنْ إِعْزَازِ الدِّينِ (٣)

كَمَا نُقِل عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَال: لَوْ حَمَل رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى أَلْفِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ وَحْدَهُ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، إِذَا كَانَ يَطْمَعُ فِي نَجَاةٍ أَوْ نِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ (٤) .


(١) التفسير الكبير لفخر الدين الرازي ٥ / ١٥٠، والقرطبي ٢ / ٣٦٣ وحديث: " أرأيت إن قتلت في سبيل الله. . . " أخرجه مسلم (٣ / ١٣٠٩ - ط الحلبي)
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ١ / ١١٦
(٣) ابن عابدين ٣ / ٢٢٢
(٤) القرطبي ٢ / ٣٦٤، وربما يشبه هذه الحالة لبس الحزام الناسف وإلقاء نفسه أمام دبابات العدو للقضاء عليها مع علمه بأنه سيقتل