للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أ - حِل الْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا لِمَنْ طَلَّقَهَا، فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلاَثًا لاَ تَحِل لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَيَطَأَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (١) وَلاَ تَحِل إِلاَّ بِالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَأَدْنَاهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ، وَلاَ بُدَّ مِنَ الاِنْتِشَارِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدِ الاِنْتِشَارُ فَلاَ تَحِل، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَبَتَّ طَلاَقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ وَطَلَّقَنِي ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّهُ وَاَللَّهِ يَا رَسُول اللَّهِ مَا مَعَهُ إِلاَّ مِثْل هَذِهِ الْهُدْبَةِ، فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لاَ وَاَللَّهِ حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ (٢) ، فَقَدْ عَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ بِذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُل مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. (٣)

ب - وَمِنْ ذَلِكَ أَثَرُ الاِنْتِشَارِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا. وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ. فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِكْرَاهِ غَيْرِ السُّلْطَانِ، إِذَا أُكْرِهَ الرَّجُل فَزَنَى، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الْوَطْءَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالاِنْتِشَارِ، وَالإِْكْرَاهُ يُنَافِيهِ، فَإِذَا وُجِدَ


(١) سورة البقرة / ٢٣٠.
(٢) حديث رفاعة: " أتريدين. . . " متفق عليه، واللفظ لمسلم، أخرجه البخاري في الطلاق (٩ / ٣٦١ - ٥٢٦٠) ط السلفية، ومسلم في النكاح (٢ / ١٠٥٥ / ٣٣) ط عبد الباقي.
(٣) الاختيار ٣ / ١٥٠ ط دار المعرفة، ومنح الجليل ٢ / ٥٧ ط النجاح، والمهذب ٢ / ١٠٥، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ١٨٧ ط دار الفكر.