للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُْمَّ تَكُونُ لَهَا الْوِلاَيَةُ بَعْدَ الأَْبِ وَالْجَدِّ؛ لأَِنَّهَا أَحَدُ الأَْبَوَيْنِ، وَأَكْثَرُ شَفَقَةً عَلَى الاِبْنِ.

وَلاَ وِلاَيَةَ لِلأُْنْثَى كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَلاَ غَيْرِهَا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلاَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا (١) . وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجُوزُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَأَنْ تُزَوِّجَ غَيْرَهَا بِالْوِلاَيَاتِ أَوِ الْوَكَالَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (٢) فَأَضَافَ النِّكَاحَ وَالْفِعْل إِلَيْهِنَّ، وَذَلِكَ يَدُل عَلَى صِحَّةِ عِبَارَتِهِنَّ وَنَفَاذِهَا؛ لأَِنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِنَّ عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْلاَل، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا غَيْرَهَا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ بِنْتَهَا بِرِضَاهَا، فَجَاءَ الأَْوْلِيَاءُ وَخَاصَمُوهَا إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَأَجَازَ النِّكَاحَ. وَهَذَا دَلِيل الاِنْعِقَادِ بِعِبَارَةِ النِّسَاءِ، وَأَنَّهُ أَجَازَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ؛ لأَِنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ؛ لأَِنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا، وَلاَ ضَرَرَ فِيهِ لِغَيْرِهَا، فَيَنْفُذُ، كَتَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا، وَالْوِلاَيَةُ فِي النِّكَاحِ أَسْرَعُ ثُبُوتًا مِنْهَا فِي الْمَال؛ وَلأَِنَّ النِّكَاحَ خَالِصُ حَقِّهَا، حَتَّى يُجْبَرَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ طَلَبِهَا، وَهِيَ أَهْلٌ لاِسْتِيفَاءِ حُقُوقِهَا. (٣) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (نِكَاحٍ) .


(١) حديث: " لا تنكح المرأة المرأة ولا المرأة نفسها ". أخرجه الدارقطني (٣ / ٢٧٧ - ط دار المحاسن) وإسناده حسن.
(٢) سورة البقرة / ٢٤٠.
(٣) ابن عابدين ١ / ٣١١، ٣١٢، والاختيار ٣ / ٩٠، ٩١، ومنح الجليل ٢ / ٢٤، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٣، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٦٣، والمهذب ١ / ٣٣٥، و ٢ / ٣٦، والمقنع ٢ / ١٤١، ونيل المآرب ١ / ٤٠٠، ٤٠١، والمغني ٦ / ٤٦٥.