للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقْتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَدَفْعًا لِهَذَا التَّعَارُضِ قَالُوا: إِنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ، أَيْ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْل. (١)

وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيل، وَفِيهِ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، الأَْمْرُ الَّذِي يَدُل عَلَى تَدَاخُل الْوَقْتَيْنِ.

١٠ - أَمَّا نِهَايَةُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا لَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْل أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ (٢) وَيُضِيفُ الْحَنَابِلَةُ: أَنَّ وَقْتَ الاِخْتِيَارِ يَنْتَهِي بِمَبْدَأِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَفِي رِوَايَةٍ: حِينَ يَصِيرُ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ؛ لِحَدِيثِ: إِذَا صَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ (٣) ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَصْرَ لَهُ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ، فَضِيلَةٌ: أَوَّلُهُ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ: إِلَى الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ عُذْرٍ - لِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ - فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ تَطْهُرَانِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَالْمَرِيضُ يَبْرَأُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَيْضًا، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلاَ كَرَاهَةٍ وَهُوَ بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ


(١) بدائع الصنائع ١ / ٢٢.
(٢) حديث: " من أدرك. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري ٢ / ٥٦ ط السلفية) .
(٣) حديث: " إذا صليتم العصر. . . " أخرجه مسلم مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو (صحيح مسلم ١ / ٤٢٦ ط عيسى الحلبي) وبداية المجتهد ١ / ٤٩.