للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى سُقُوطِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَمْ يَجِدُوا وَقْتًا لَهَا؛ لأَِنَّ الْوَقْتَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِذَا عُدِمَ السَّبَبُ - وَهُوَ الْوَقْتُ - عُدِمَ الْمُسَبَّبُ وَهُوَ الْوُجُوبُ. (١)

وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْبِلاَدِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا اللَّيْل أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الصَّيْفِ، فَقَبْل أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ الأَْحْمَرُ، يَظْهَرُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ فَلاَ يُوجَدُ وَقْتٌ لِلْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ؛ لأَِنَّ أَوَّل وَقْتِ الْعِشَاءِ مَغِيبُ الشَّفَقِ الأَْحْمَرِ، وَقَدْ ظَهَرَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ قَبْل أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ.

فَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ سُقُوطِ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ عَنْ أَهْل هَذِهِ الْبِلاَدِ، بَل يُقَدِّرُونَ لِلْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَقْتًا بِاعْتِبَارِ أَقْرَبِ الْبِلاَدِ إِلَيْهِمْ. وَذَهَبَ بَعْضٌ آخَرُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى سُقُوطِ الْوِتْرِ وَالْعِشَاءِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ نُورِ الإِْيضَاحِ وَعِبَارَتُهُ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ. لَكِنَّهُ خِلاَفُ الْمَذْهَبِ وَمَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ (٢) إِلَى تَقْدِيرِ مَغِيبِ شَفَقِ أَقْرَبِ الْبِلاَدِ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ أَقْرَبُ الْبِلاَدِ إِلَيْهِمْ يَغِيبُ فِيهَا الشَّفَقُ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمُدَّةُ اللَّيْل فِي هَذِهِ الْبِلاَدِ ثَمَانِي سَاعَاتٍ، فَيَكُونُ أَوَّل الْعِشَاءِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ


(١) الدر المختار ورد المحتار عليه ١ / ٢٤٢، ٢٤٤.
(٢) بلغة السالك ١ / ٧٢، والمنهاج ١ / ١١٠.