للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُلُول الْمُصِيبَةِ فِي مِثْل قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآِيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . (١)

وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الْيَأْسِ مِنْ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ فِي قَوْله تَعَالَى: {قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . (٢)

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، فَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ. وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ فَالإِْنَابَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَطْلُوبَةٌ، وَبَابُ التَّوْبَةِ إِلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ جَمِيعًا مَفْتُوحٌ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، أَيْ حِينَ يَيْأَسُ مِنَ الْحَيَاةِ.

فَتَوْبَةُ الْيَائِسِ - وَهِيَ تَوْبَةُ مَنْ يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ كَالْمُحْتَضَرِ - الْمَشْهُورُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، كَإِيمَانِ الْيَائِسِ. وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ تَوْبَةِ الْيَائِسِ وَإِيمَانِ الْيَائِسِ، فَقَالُوا بِقَبُول الأَْوَّل دُونَ الثَّانِي (٣) (ر: احْتِضَارٌ. تَوْبَةٌ) .

أَمَّا مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الْيَائِسُ حَقًّا مِنْ مَغْفِرَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، (٤) بِخِلاَفِ مَنْ مَاتَ عَلَى الإِْيمَانِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُرْجَى لَهُ.


(١) سورة الروم / ٣٦، ٣٧.
(٢) سورة الزمر / ٥٣.
(٣) وانظر حاشية ابن عابدين ١ / ٥٧١ و ٣ / ٢٨٩.
(٤) سورة العنكبوت / ٢٣.