للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُمْ مِنَ الضَّيَاعِ، وَصِيَانَةُ الصِّغَارِ مِنَ الضَّيَاعِ وَاجِبَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ؛ لِحَدِيثِ: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول. (١)

أَمَّا الإِْيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْمَعْلُومِ، وَرَدِّ الْمَظَالِمِ الْمَعْلُومَةِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا إِنْ كَانَتْ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَْوْلاَدِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمُ الَّذِينَ لاَ يُخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيَاعُ، فَهُوَ سُنَّةٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، تَأَسِّيًا بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ فِي ذَلِكَ، حَيْثُ كَانَ يُوصِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، (٢) كَمَا تَقَدَّمَ.

هَذَا هُوَ حُكْمُ الإِْيصَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوصِي.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ إِذَا أَوْصَى إِلَيْهِ أَحَدٌ جَازَ لَهُ قَبُول الْوَصِيَّةِ، إِذَا كَانَتْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَوَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ أَدَاءَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُوصِي إِلَى بَعْضٍ، فَيَقْبَلُونَ الْوَصِيَّةَ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ وَصِيًّا لِرَجُلٍ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَصِيًّا لِسَبْعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَقِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ (٣) أَنَّ تَرْكَ الدُّخُول فِي الْوَصِيَّةِ أَوْلَى؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ، وَهُوَ لاَ يَعْدِل بِالسَّلاَمَةِ شَيْئًا، وَلِذَلِكَ كَانَ يَرَى تَرْكَ الاِلْتِقَاطِ، وَتَرْكُ الإِْحْرَامِ مِنْ قَبْل الْمِيقَاتِ أَفْضَل؛ تَحَرِّيًا لِلسَّلاَمَةِ وَاجْتِنَابًا لِلْخَطَرِ، وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ، مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ قَال لأَِبِي ذَرٍّ: إِنِّي أَرَاكَ


(١) حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول " أخرجه مسلم (٢ / ٦٩٢ - ط الحلبي) .
(٢) مغني المحتاج ٣ / ٧٣، والمغني لابن قدامة ٦ / ١٤٤، وابن عابدين ٦ / ٦٤٨، والإقناع ٤ / ٣٤، وقليوبي وعميرة ٣ / ١٧٧، والشرح الصغير ٢ / ٤٦٥.
(٣) المغني لابن قدامة ٦ / ١٤٤.