للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الأَْبَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ، فَكَانَ لَهُ الإِْيصَاءُ كَالأَْبِ، وَيُوَافِقُ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا حَقَّ الْوَصِيِّ فِي الإِْيصَاءِ لِغَيْرِهِ بِمَا إِذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الأَْبُ مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ مَنَعَهُ مِنَ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، كَأَنْ قَال لَهُ: أَوْصَيْتُكَ عَلَى أَوْلاَدِي، وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُوصِيَ عَلَيْهِمْ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الإِْيصَاءُ. (١)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ حَقُّ الإِْيصَاءِ إِلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ إِذَا جَعَل لَهُ الإِْيصَاءَ إِلَى غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُوصِي، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ إِلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَالْوَكِيل، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ تَوْكِيل غَيْرِهِ فِيمَا وُكِّل فِيهِ، إِلاَّ إِذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّل، فَكَذَلِكَ (٢) الْوَصِيُّ.

وَلِلْقَاضِي إِذَا لَمْ يُوصِ الأَْبُ وَالْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُمَا لأَِحَدٍ أَنْ يُعَيِّنَ وَصِيًّا مِنْ قِبَلِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ. (٣) وَالْقَاضِي لاَ يَلِي أُمُورَ الْقَاصِرِينَ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ يَكِل أُمُورَهُمْ إِلَى مَنْ يُعَيِّنُهُمْ مِنَ الأَْوْصِيَاءِ. (٤)

أَمَّا الأُْمُّ فَلَيْسَ لَهَا تَوْلِيَةُ الْوَصِيِّ عَلَى أَوْلاَدِهَا عِنْدَ


(١) الشرح الصغير وحاشية الصاوي ٢ / ٤٧٤.
(٢) مغني المحتاج ٣ / ٧٦، والروض المربع ٢ / ٢٤٩، والمغني لابن قدامة ٦ / ١٤٢.
(٣) حديث: " السلطان ولي من لا ولي له ". أخرجه الترمذي (٣ / ٤٠٨ - ط الحلبي) والحاكم (٢ / ١٦٨ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(٤) الشرح الصغير ٢ / ٤٧٤، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٤ / ٤٠٢، والإقناع ٤ / ٥٢، والمنهاج وشرح الجلال ٢ / ٣٠٤، والمغني لابن قدامة ٦ / ٦٤٠، ٦٤١، وحاشية ابن عابدين ٦ / ٧٢٢.