للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ إِذَا طَلَبَ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ، فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ بِقَدْرِ شُغْلِهِ فِي مَال الْيَتِيمِ وَشِرَاءِ نَفَقَتِهِ. فَإِنْ تَوَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ. كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ سَدَادًا لِلأَْيْتَامِ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ النَّاظِرُ فِي أَمْرِ الطِّفْل أَجْنَبِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الطِّفْل قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ، فَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ لِكِفَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا، أَوْ أُمًّا - بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهَا - فَلاَ يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا إِنْ كَانَ غَنِيًّا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الطِّفْل، وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ حَاكِمٍ (٢) .

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَصِيَّ إِنْ كَانَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى وَصِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيَّ الْقَاضِي، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَل لَهُ أَجْرَ الْمِثْل عَلَى وَصِيَّتِهِ (٣) .

وَمَعَ هَذَا فَقَدْ أَجَازُوا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُل مِنْ مَال الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ إِذَا ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ (٤) ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (٥) ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: إِنَّ عِنْدِي يَتِيمًا عِنْدَهُ


(١) البهجة في شرح التحفة، وحلى المعاصم المطبوع بهامش الشرح المذكور ٢ / ٣٠٩.
(٢) مغني المحتاج ٣ / ٧٨، ٧٩.
(٣) الدر وحاشية ابن عابدين ٦ / ٧١٣.
(٤) الاختيار لتعليل المختار ٥ / ٦٩، ٧٠.
(٥) سورة النساء / ٦.