للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِيلاَءً، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ لِلإِْيلاَءِ فِي حُكْمِ الطَّلاَقِ مُدَّةً مُقَدَّرَةً هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَلاَ يَكُونُ الْحَلِفُ عَلَى مَا دُونَهَا إِيلاَءً فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ.

وَقَدْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي أَنَّ الإِْيلاَءَ يَكُونُ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِالتَّعْلِيقِ - الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ.

وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ، فَقَالُوا: الإِْيلاَءُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلاَقِ أَوِ الْعِتْقِ أَوِ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِيلاَءً؛ لأَِنَّ الإِْيلاَءَ قَسَمٌ، وَالتَّعْلِيقَ لاَ يُسَمَّى قَسَمًا شَرْعًا وَلاَ لُغَةً، وَلِهَذَا لاَ يُؤْتَى فِيهِ بِحَرْفِ الْقَسَمِ، وَلاَ يُجَابُ بِجَوَابِهِ، وَلاَ يَذْكُرُهُ أَهْل الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ الْقَسَمِ، وَعَلَى هَذَا لاَ يَكُونُ إِيلاَءً (١) .

وَحُجَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: أَنَّ تَعْلِيقَ مَا يَشُقُّ عَلَى النَّفْسِ يَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ خَوْفًا مِنْ وُجُوبِهِ، فَيَكُونُ إِيلاَءً كَالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّعْلِيقُ - وَإِنْ كَانَ لاَ يُسَمَّى قَسَمًا شَرْعًا وَلُغَةً - وَلَكِنَّهُ يُسَمَّى حَلِفًا عُرْفًا (٢) .

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الإِْيلاَءَ يَكُونُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ.

وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) (٣)


(١) بدائع الصنائع ٣ / ١٧١، والخرشي ٣ / ٢٣٠، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي ٢ / ٤٢٧، ومغني المحتاج ٣ / ٣٤٤، والمغني لابن قدامة ٧ / ٢٩٨.
(٢) المراجع السابقة.
(٣) الخرشي ٣ / ٢٣٠، والشرح الكبير ٢ / ٤٢٨، ومغني المحتاج ٣ / ٣٤٣، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٠٠.