للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِغْلاَقٍ (١) وَالإِْغْلاَقُ: الإِْكْرَاهُ؛ لأَِنَّ الْمُكْرَهَ يُغْلَقُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ، وَيُقْفَل عَلَيْهِ رَأْيُهُ وَقَصْدُهُ، وَإِلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ يُحْمَل عَلَى النُّطْقِ بِالْعِبَارَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ، كَنُطْقِهِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهَا (٢) .

أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِيلاَءُ الْمُكْرَهِ مُعْتَبَرٌ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ الَّتِي سَيَأْتِي بَيَانُهَا؛ لأَِنَّ الإِْيلاَءَ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الإِْكْرَاهِ، نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الأَْيْمَانِ وَالطَّلاَقِ، وَأَنَّ الإِْيلاَءَ يَمِينٌ فِي أَوَّل الأَْمْرِ، وَطَلاَقٌ بِاعْتِبَارِ الْمَال، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ مَا يُقَرَّرُ فِي بَابَيِ الأَْيْمَانِ وَالطَّلاَقِ.

وَقَدِ اسْتَنَدُوا فِي ذَلِكَ إِلَى قِيَاسِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْهَازِل؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَصْدُرُ عَنْهُ صِيغَةُ التَّصَرُّفِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، لَكِنَّهُ لاَ يُرِيدُ حُكْمَهَا، وَطَلاَقُ الْهَازِل وَيَمِينُهُ مُعْتَبَرَانِ، فَكَذَلِكَ الْمُكْرَهُ (٣) .

٨ - وَلَوْ صَدَرَتْ صِيغَةُ الإِْيلاَءِ مِنَ الزَّوْجِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ مُوجَبَهَا، بَل أَرَادَ اللَّهْوَ وَاللَّعِبَ - وَهَذَا هُوَ الْهَازِل - فَإِنَّ الإِْيلاَءَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ (٤) ،


(١) حديث: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. . . ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٦٦٠ - ط الحلبي) والحاكم (٢ / ١٩٨ - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه، ورده الذهبي بقوله: محمد بن عبيدي لم يحتج به مسلم، وقال أبو حاتم: ضعيف.
(٢) الخرشي ٣ / ١٧٣، والشرح الكبير ٢ / ٣٦٧، ومغني المحتاج ٣ / ٢٨٩، والمغني لابن قدامة ٧ / ١١٨.
(٣) فتح القدير ٣ / ٣٩، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٦٥٠، ٦٥٢، والبدائع ٣ / ١٠٠.
(٤) البدائع ٣ / ١٠٠، والشرح الكبير ٢ / ٣٦٦، ومغني المحتاج ٣ / ٢٨٨، والمغني لابن قدامة ٦ / ٥٣٥.