للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْعِدَّةُ مِنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَثْنَائِهَا لاَ تَكُونُ مَحَلًّا لِلإِْيلاَءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى، أَمْ بَائِنًا بَيْنُونَةً كُبْرَى؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ الْبَائِنَ بِنَوْعَيْهِ يُزِيل رَابِطَةَ الزَّوْجِيَّةِ، وَلاَ يُبْقِي مِنْ آثَارِ الزَّوَاجِ شَيْئًا سِوَى الْعِدَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ قُرْبَانُ الْمُطَلَّقَةِ طَلاَقًا بَائِنًا وَلَوْ كَانَتِ الْعِدَّةُ قَائِمَةً، فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُل أَلاَّ يَقْرَبَ زَوْجَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلاَقًا بَائِنًا كَانَتْ يَمِينُهُ لَغْوًا فِي حُكْمِ الْبِرِّ، حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَقْرَبْهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلاَقٌ ثَانٍ.

أَمَّا فِي حُكْمِ الْحِنْثِ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ، وَلِهَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ؛ لِعَدَمِ الْوَفَاءِ بِمُوجِبِهَا، وَهُوَ عَدَمُ قُرْبَانِهَا، أَيْ أَنَّ حَلِفَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إِيلاَءً، وَلَكِنَّهُ انْعَقَدَ يَمِينًا.

وَمِثْل هَذَا لَوْ قَال لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُكِ، وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ، أَوْ قَال: أَبَدًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ مُولِيًا فِي حُكْمِ الْبِرِّ؛ لِعَدَمِ قِيَامِ النِّكَاحِ حَقِيقَةً وَلاَ حُكْمًا عِنْدَ الْحَلِفِ، حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الزَّوَاجِ، وَلَمْ يَقْرَبْهَا لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا عِنْدَ حُصُول الْيَمِينِ، لَكِنْ لَوْ قَرَبَهَا بَعْدَ الزَّوَاجِ أَوْ قَبْلَهُ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ؛ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ قِيَامُ النِّكَاحِ، بِخِلاَفِ انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْبِرِّ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ قِيَامُ النِّكَاحِ (١) .

وَأَمَّا إِضَافَةُ الإِْيلاَءِ إِلَى النِّكَاحِ، فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُول الرَّجُل لاِمْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَوَاللَّهِ لاَ


(١) البدائع ٣ / ٨٧١.