للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَال: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ فَعَلَيَّ الْحَرَامُ، يَلْزَمُهُ بَتُّ طَلاَقِ الْمَدْخُول بِهَا - ثَلاَثًا - مَا لَمْ يَنْوِ أَقَل مِنَ الثَّلاَثِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى، أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُول بِهَا فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ، وَقِيل: يَلْزَمُهُ فِي الْمَدْخُول بِهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ كَغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، وَقِيل: يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا ثَلاَثٌ كَالْمَدْخُول بِهَا مَا لَمْ يَنْوِ أَقَل. وَلَوْ قَال: كُل حَلاَلٍ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنِ اسْتَثْنَى الزِّوَجَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِلاَّ لَزِمَهُ فِيهَا مَا ذُكِرَ.

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال إِنْسَانٌ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُكِ، وَنَوَى طَلاَقًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ، وَلَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلاً - وَأَطْلَقَ ذَلِكَ، أَوْ أَقَّتَهُ كُرِهَ، وَلَمْ تَحْرُمِ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ يَمِينًا؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ إِقْسَامًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَلاَ تَعْلِيقًا لِلطَّلاَقِ أَوْ نَحْوِهِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ أَلاَّ تَكُونَ زَوْجَتُهُ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَلاَّ تَكُونَ مُعْتَدَّةً مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

وَلَوْ حَرُمَ غَيْرُ الزَّوْجَةِ كَالثَّوْبِ وَالطَّعَامِ وَالصَّدِيقِ وَالأَْخِ لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ. (١)

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ حَرَّمَ حَلاَلاً سِوَى الزَّوْجَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَرْعًا، ثُمَّ إِذَا فَعَلَهُ فَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلاَنِ، أَرْجَحُهُمَا: الْوُجُوبُ، وَيَسْتَوِي فِي التَّحْرِيمِ


(١) ابن عابدين ٣ / ٦٣، والشرح الصغير بحاشية الصاوي عليه ١ / ٣٣٦، والشرح الكبير ٢ / ١٣٥، وأسنى المطالب مع حاشية الشهاب الرملي عليه ٣ / ٢٧٢، ٢٧٣.