للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهَا إِلاَّ عِنْدَ الْحِنْثِ فِيهَا، فَهِيَ مُحْتَاجَةٌ فِي تَطْبِيقِ الآْيَتَيْنِ عَلَيْهَا إِلَى تَقْدِيرٍ، بِأَنْ يُقَال: إِنَّ الْمَعْنَى: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِالْحِنْثِ فِيمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ، وَبِالْحِنْثِ فِي أَيْمَانِكُمُ الْمَعْقُودَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (١) مَعْنَاهُ: إِذَا حَلَفْتُمْ وَحَنِثْتُمْ.

١١٤ - وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِمَا يَأْتِي:

أَوَّلاً: قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٢) .

ثَانِيًا: مَا رَوَاهُ الأَْشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ (٣) .

وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل بِالآْيَةِ وَالْحَدِيثَيْنِ وَمَا مَعْنَاهُمَا: أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ أَثْبَتَتْ أَنَّ حُكْمَ الْغَمُوسِ الْعَذَابُ فِي الآْخِرَةِ، فَمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فَقَدْ زَادَ عَلَى النُّصُوصِ.

ثَالِثًا: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ


(١) سورة المائدة / ٨٩.
(٢) سورة آل عمران / ٧٧.
(٣) حديث: " من حلف على يمين صبر. . . " أخرجه البخاري (٨ / ٢١٢) ط السلفية، ومسلم (١ / ٨٦) ط دار الآفاق. وقوله (صبر) بفتح الصاد وسكون الباء معناه: اليمين التي تلزم ويجبر حالفها عليها، وتسمى مصبورة أيضا: لأن القاضي يصبر صاحبها أي يحبسه حتى يؤديها. (ر: فيض القدير ٦ / ١٢٠) .