للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل مَكْرُوهًا أَوْ يَتْرُكَ مَنْدُوبًا فَلاَ يَبَرُّهُ، بَل يُحَنِّثُهُ نَدْبًا؛ لأَِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَاعَةِ الْمَخْلُوقِ.

د - وَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَفْعَل مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا، أَوْ يَتْرُكَ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا فَهَذَا يُطْلَبُ إِبْرَارُهُ عَلَى سَبِيل الاِسْتِحْبَابِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِحَدِيثِ الأَْمْرِ بِإِبْرَارِ الْقَسَمِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: أَمَرَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، أَوِ الْمُقْسِمِ، (١) وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ (٢)

وَظَاهِرُ الأَْمْرِ الْوُجُوبُ، لَكِنِ اقْتِرَانُهُ بِمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ - كَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ - قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنِ الْوُجُوبِ.

وَمِمَّا يَدُل عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبَرَّ قَسَمَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدِيثًا طَوِيلاً يَشْتَمِل عَلَى رُؤْيَا قَصَّهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ


(١) المقسم بضم الميم وكسر السين هو الحالف، ويروى بضم الميم وفتح السين على أنه مصدر ميمي كالمدخل والمخرج والمقام، بمعنى الإدخال والإخراج والإقامة، فالمقسم على هذا معناه الإقسام بكسر الهمزة (ر: منتقى الأخبار مع شرحه نيل الأوطار ٨ / ٢٤١) .
(٢) حديث: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ١١٢، ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٦٣٥) ط عيسى البابي الحلبي، واللفظ له.