للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُخَصِّصُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَتُبَيِّنُ الْمُجْمَل ثُمَّ إِنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصَّصَةَ وَالْمُقَيَّدَةَ لَهَا ثَلاَثَةُ أَحْوَالٍ:

الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، بِأَنْ يَحْتَمِل اللَّفْظُ إِرَادَتَهَا وَعَدَمَ إِرَادَتِهَا عَلَى السَّوَاءِ بِلاَ تَرْجِيحٍ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، كَحَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ تَزَوَّجَ فِي حَيَاتِهَا فَالَّتِي يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ، فَتَزَوَّجَ بَعْدَ طَلاَقِهَا، وَقَال: كُنْتُ نَوَيْتُ أَنِّي إِنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِي، وَهِيَ الآْنَ لَيْسَتْ فِي عِصْمَتِي.

فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصْدُقُ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوِ الطَّلاَقِ أَوِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ فِي كُلٍّ مِنَ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ: لاَ يَأْكُل لَحْمًا، فَأَكَل لَحْمَ طَيْرٍ، وَقَال: كُنْتُ أَرَدْتُ لَحْمَ غَيْرِ الطَّيْرِ، فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مُطْلَقًا أَيْضًا.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ مُقَارِبَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ مِنْهَا، كَحَلِفِهِ لاَ يَأْكُل لَحْمًا أَوْ سَمْنًا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى لَحْمَ الْبَقَرِ وَسَمْنَ الضَّأْنِ، فَأَكَل لَحْمَ الضَّأْنِ وَسَمْنَ الْبَقَرِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصْدُقُ فِي حَلِفِهِ بِاللَّهِ، وَبِتَعْلِيقِ الْقُرْبَةِ مَا عَدَا الطَّلاَقَ، إِذَا رُفِعَ أَمْرُهُ لِلْقَاضِي وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِالطَّلاَقِ، وَمِثْل الْبَيِّنَةِ الإِْقْرَارُ.

وَيُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، فَلاَ يُعَدُّ حَانِثًا فِي جَمِيعِ أَيْمَانِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ: لاَ يُكَلِّمُ فُلاَنًا فَكَلَّمَهُ، وَقَال: إِنِّي كُنْتُ نَوَيْتُ أَلاَّ أُكَلِّمَهُ شَهْرًا أَوْ أَلاَّ أُكَلِّمَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ كَلَّمْتُهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَيُقْبَل فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، وَيُقْبَل فِي الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِالطَّلاَقِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ: أَلاَّ يَبِيعَهُ أَوْ أَلاَّ يَضْرِبَهُ، ثُمَّ