للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالظَّالِمُ، سَوَاءٌ أَكَانَ حَلِفُهُ بِاللَّهِ أَمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلاَقِ وَنَحْوِهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا، لَكِنْ لاَ بُدَّ فِي الْقَضَاءِ مِنْ إِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى وُجُودِ الْبِسَاطِ.

وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ أَيْضًا: مَا لَوْ كَانَ خَادِمُ الْمَسْجِدِ يُؤْذِيهِ، فَحَلَفَ لاَ يَدْخُلُهُ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهُ مَا دَامَ هَذَا الْخَادِمُ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَاسِقٌ بِمَكَانٍ فَقَال إِنْسَانٌ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ دَخَلْتِ هَذَا الْمَكَانَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ وُجُودُ هَذَا الْفَاسِقِ الْحَامِل عَلَى الْحَلِفِ، فَإِنَّ الْحَلِفَ يُقَيَّدُ بِوُجُودِهِ، فَإِنْ زَال فَدَخَلَتِ امْرَأَتُهُ الْمَكَانَ لَمْ تَطْلُقْ.

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا لَوْ مَنَّ إِنْسَانٌ عَلَى آخَرَ، فَحَلَفَ لاَ يَأْكُل لَهُ طَعَامًا، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَلاَّ يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ فِيهِ الْمِنَّةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ طَعَامًا أَمْ كُسْوَةً أَوْ غَيْرَهُمَا، فَهَذَا تَعْمِيمٌ لِلْيَمِينِ بِالْبِسَاطِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنِ السَّبَبُ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ دَاعِيًا إِلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ لَمْ يَكُنْ بِسَاطًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ إِنْسَانٌ: لاَ يُكَلِّمُ فُلاَنًا أَوْ لاَ يَدْخُل دَارَهُ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ شَتَمَهُ أَوْ تَشَاجَرَ مَعَهُ، فَهَذَا السَّبَبُ لاَ يَدْعُو إِلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنَ التَّكْلِيمِ وَمِنْ دُخُول الدَّارِ أَبَدًا. (١)

١٦٤ - مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: يَتَّضِحُ مِنَ الاِطِّلاَعِ عَلَى كُتُبِ الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ - بَعْدَ نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَنِيَّةِ الْحَالِفِ - هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ السَّبَبِ الْحَامِل عَلَى الْيَمِينِ، فَلَوْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَامَّةً أَوْ مُطْلَقَةً فِي الظَّاهِرِ - لَكِنْ كَانَ سَبَبُهَا


(١) الشرح الصغير بحاشية الصاوي ١ / ٣٣٧ - ٣٤١، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي ٢ / ١٣٨ - ١٤١.