للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلاَّ خُبْزَ الْقَمْحِ، فَأَكْل الْقَمْحِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ، فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْخُبْزِ الَّذِي حَلَفَ عَلَى عَدَمِ أَكْلِهِ، فَلاَ يَحْنَثُ بِأَكْل خُبْزِ الذُّرَةِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ اعْتُبِرَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ، كَمَا لَوْ كَانَ عُرْفُ قَوْمٍ اسْتِعْمَال لَفْظِ الدَّابَّةِ فِي الْحِمَارِ وَحْدَهُ، وَلَفْظَ الثَّوْبِ فِيمَا يُلْبَسُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ وَيَسْلُكُ فِي الْعُنُقِ، فَحَلَفَ حَالِفٌ مِنْهُمْ: أَلاَّ يَشْتَرِيَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا، فَلاَ يَحْنَثُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ وَلاَ عِمَامَةٍ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ وَلاَ قَوْلِيٌّ اعْتُبِرَ الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ، فَمَنْ حَلَفَ: لاَ يُصَلِّي فِي هَذَا الْوَقْتِ، أَوْ لاَ يَصُومُ غَدًا، أَوْ لاَ يَتَوَضَّأُ الآْنَ، أَوْ لاَ يَتَيَمَّمُ حَنِثَ بِالشَّرْعِيِّ مِنْ ذَلِكَ دُونَ اللُّغَوِيِّ، فَلاَ يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ، وَلاَ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِ صَلاَةً فِي اللُّغَةِ، وَلاَ يَحْنَثُ بِالإِْمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى صِيَامًا فِي اللُّغَةِ، وَلاَ بِغُسْل الْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ يُسَمَّى وُضُوءًا فِي اللُّغَةِ، وَلاَ بِقَصْدِهِ إِنْسَانًا وَالذَّهَابَ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُسَمَّى تَيَمُّمًا فِي اللُّغَةِ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُل عَلَى مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ اللُّغَوِيِّ، مِنْ نِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ عُرْفٍ فِعْلِيٍّ أَوْ قَوْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ، حُمِلَتِ الْيَمِينُ عَلَى الظَّاهِرِ اللُّغَوِيِّ، فَمَنْ حَلَفَ لاَ يَرْكَبُ دَابَّةً أَوْ لاَ يَلْبَسُ ثَوْبًا، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ، وَلاَ لأَِهْل بَلَدِهِ عُرْفٌ فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، حَنِثَ بِرُكُوبِهِ التِّمْسَاحَ وَلُبْسِهِ الْعِمَامَةَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَدْلُول اللُّغَوِيُّ. (١)


(١) الشرح الصغير بحاشية الصاوي ١ / ٣٣٧ - ٣٤٠، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي ٢ / ١٣٦ - ١٤٠.