للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَأَفَادَتْ أَنَّ الْبِرَّ لَيْسَ كُلُّهُ بِالصَّلاَةِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ بِالإِْيمَانِ بِاللَّهِ إِلَى آخِرِهَا مِنْ صِفَاتِ الْخَيْرِ الْجَامِعَةِ.

وَقَال تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١) . قَال الْمَاوَرْدِيُّ: نَدَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى التَّعَاوُنِ بِالْبِرِّ، وَقَرَنَهُ بِالتَّقْوَى لَهُ؛ لأَِنَّ فِي التَّقْوَى رِضَى اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْبِرِّ رِضَى النَّاسِ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى وَرِضَى النَّاسِ فَقَدْ تَمَّتْ سَعَادَتُهُ وَعَمَّتْ نِعْمَتُهُ.

وَقَال ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ: وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى يَكُونُ بِوُجُوهٍ، فَوَاجِبٌ عَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُعِينَ النَّاسَ بِعِلْمِهِ فَيُعَلِّمَهُمْ، وَيُعِينُهُمُ الْغَنِيُّ بِمَالِهِ، وَالشُّجَاعُ بِشَجَاعَتِهِ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مُتَظَاهِرِينَ كَالْيَدِ الْوَاحِدَةِ. (٢)

وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَال: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالإِْثْمِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِْثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ. (٣)

قَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ: قَال الْعُلَمَاءُ: الْبِرُّ يَكُونُ بِمَعْنَى الصِّلَةِ، وَبِمَعْنَى اللُّطْفِ وَالْمَبَرَّةِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ،


(١) سورة المائدة / ٢
(٢) تفسير القرطبي٦ / ٤٦
(٣) حديث النواس بن سمعان قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . " أخرجه مسلم (٤ / ١٩٨٠ ـ ط الحلبي)