للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَضْلاً عَنْ أَنَّ الأُْمَّ أَحْوَجُ إِلَى الرِّعَايَةِ مِنَ الأَْبِ، وَلاَ سِيَّمَا حَال الْكِبَرِ. (١)

وَفِي تَقْدِيمِ هَذَا الْحَقِّ أَيْضًا: أَنَّهُ لَوْ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ لأَِبَوَيْهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ إِلاَّ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا، فَتُقَدَّمُ الأُْمُّ عَلَى الأَْبِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، (٢) وَذَلِكَ لِمَا لَهَا مِنْ مَشَقَّةِ الْحَمْل وَالرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَزِيَادَةِ الشَّفَقَةِ، وَأَنَّهَا أَضْعَفُ وَأَعْجَزُ. هَذَا مَا لَمْ يَتَعَارَضَا فِي بِرِّهِمَا.

٥ - فَإِنْ تَعَارَضَا فِيهِ، بِأَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ أَحَدِهِمَا مَعْصِيَةُ الآْخَرِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ: إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَأْمُرُ بِطَاعَةٍ وَالآْخَرُ يَأْمُرُ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَ الآْمِرَ بِالطَّاعَةِ مِنْهُمَا دُونَ الآْمِرِ بِالْمَعْصِيَةِ، فِيمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ مَعْصِيَةٍ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (٣) وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَاحِبَهُ بِالْمَعْرُوفِ لِلأَْمْرِ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٠ / ٤٠١ - ٤٠٢، وشرح إحياء علوم الدين للغزالي ٦ / ٣١٥، والزواجر عن اقتراف الكبائر للهيثمي ٢ / ٧١ ط دائرة المعارف، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٤ / ٦٣ـ ٦٥.
(٢) رد المحتار على الدر المختار ٢ / ٦٧٣، والفواكه الدواني ٢ / ٣٨٤، وروضة الطالبين ٩ / ٩٥، والمكتب الإسلامي والمغني لابن قدامة ٧ / ٥٩٤ ط الرياض الحديثة.
(٣) حديث: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " أورده بهذا اللفظ اللهيثمي في المجمع وقال: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح مجمع الزوائد (٥ / ٢٢٦ ـ ط القدسي) .