للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِجَارَةٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ، وَقَدْ قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ. (١)

وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ بَيْعِ السِّلاَحِ لَهُمْ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً؛ لأَِنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ؛ (٢) وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ أَخْذُ سِلاَحِهِمْ بِمَا أَمْكَنَ، حَتَّى لاَ يَسْتَعْمِلُوهُ فِي الْفِتْنَةِ، فَمَنْعُ بَيْعِهِ لَهُمْ أَوْلَى.

وَالَّذِي يُكْرَهُ هُوَ بَيْعُ السِّلاَحِ نَفْسِهِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَال. وَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّ طَالِبَ السِّلاَحِ مِنْ أَهْل الْفِتْنَةِ لاَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ لَهُ؛ لأَِنَّ الْغَلَبَةَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ لأَِهْل الصَّلاَحِ، وَالأَْحْكَامُ تُبْنَى عَلَى الْغَالِبِ.

وَأَمَّا مَا لاَ يُقَاتَل بِهِ إِلاَّ بِصَنْعَةٍ كَالْحَدِيدِ، فَلاَ يُكْرَهُ بَيْعُهُ؛ لأَِنَّ الْمَعْصِيَةَ تَقَعُ بِعَيْنِ السِّلاَحِ، بِخِلاَفِ الْحَدِيدِ، وَقَاسُوهُ عَلَى الْخَشَبِ الَّذِي


(١) الحطاب ٤ / ٢٥٤، ونهاية المحتاج ٣ / ٤٥٥، المغني ٤ / ٢٤٦، وإعلام الموقعين ٣ / ١٥٨. وحديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة " أخرجه البيهقي من حديث عمران بن حصين بإسنادين، أما الإسناد الأول فقد قال عنه البيهقي: رفعه وهم الموقوف أصح. . . . أما الإسناد الثاني ففيه (بحر السقاء) وقد قال عنه: ضعيف لا يحتج به (السنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٣٢٧) .
(٢) سورة المائدة / ٢.