للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجِبُ إِنْذَارُهُمْ وَدَعْوَتُهُمْ مَا لَمْ يُعَاجِلُوهُ. (١)

وَكَوْنُ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ عَارِفًا فَطِنًا وَاجِبٌ، إِنْ بُعِثَ لِلْمُنَاظَرَةِ وَكَشْفِ الشُّبْهَةِ، وَإِلاَّ فَمُسْتَحَبٌّ. (٢)

وَفَصَّل الْكَاسَانِيُّ فَقَال: إِنْ عَلِمَ الإِْمَامُ أَنَّهُمْ يُجَهِّزُونَ السِّلاَحَ وَيَتَأَهَّبُونَ لِلْقِتَال، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ، وَيَحْبِسَهُمْ حَتَّى يَتُوبُوا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى تَعَسْكَرُوا وَتَأَهَّبُوا لِلْقِتَال، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى رَأْيِ الْجَمَاعَةِ أَوَّلاً، فَإِنَّ الإِْمَامَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا خَرَجَ عَلَيْهِ أَهْل حَرُورَاءَ، نَدَبَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى الْعَدْل، فَإِنْ أَجَابُوا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ. . . وَإِنْ قَاتَلَهُمْ قَبْل الدَّعْوَةِ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ بَلَغَتْهُمْ، فَهُمْ مُسْلِمُونَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ. (٣)

وَقَدْ أَسْنَدَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِي دَارٍ، وَكَانُوا سِتَّةَ آلاَفٍ، فَقُلْتُ لِعَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: لَعَلِّي أُكَلِّمُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ. قَال إِنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْكَ. قُلْتُ: كَلاَّ. فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَمَضَيْتُ إِلَيْهِمْ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ.


(١) الشرح الصغير٤ / ٤٢٨.
(٢) نهاية المحتاج ٧ / ٣٨٥.
(٣) البدائع ٧ / ١٤٠.