للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَاغِيَ وَرِثَهُ؛ لأَِنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ، فَلَمْ يَمْنَعِ الْمِيرَاثَ كَالْقِصَاصِ؛ وَلأَِنَّ قَتْل الْبَاغِي وَاجِبٌ، وَلاَ إِثْمَ عَلَى الْقَاتِل بِقَتْلِهِ، وَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. فَكَذَا لاَ يُحْرَمُ مِنَ الإِْرْثِ. وَكَذَا لَوْ قَتَل الْبَاغِي ذَا رَحِمِهِ الْعَادِل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (١) ، لِقَوْلِهِمْ " وَمَوَارِيثُهُمْ قَائِمَةٌ (٢) ".

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: لَوْ قَتَل الْبَاغِي قَرِيبَهُ الْعَادِل وَقَال: أَنَا عَلَى حَقٍّ وَرِثَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ. وَإِنْ قَال: قَتَلْتُهُ وَأَنَا عَلَى الْبَاطِل لاَ يَرِثُ اتِّفَاقًا بَيْنَ الإِْمَامِ وَصَاحِبَيْهِ. وَاسْتَدَل - أَبُو حَنِيفَةَ - بِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا أَتْلَفَ عَنْ تَأْوِيلٍ فَاسِدٍ، وَالْفَاسِدُ مِنْهُ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ مَنَعَةٌ، وَهُوَ إِنْ كَانَ فَاسِدًا فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الضَّمَانُ، فَكَذَا لاَ يُوجِبُ الْحِرْمَانَ، كَمَا أَنَّ التَّأْوِيل فِي اعْتِقَادِهِ هُوَ صَحِيحٌ (٣) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَرِثُ لِعُمُومِ حَدِيثِ: لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ (٤) وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاغِي إِذَا قَتَل


(١) لمغني ٨ / ١١٨، وكشاف القناع ٦ / ١٦٣.
(&# x٦٦٢ ;) التاج والإكليل ٦ / ٢٧٩، وحاشية الدسوقي ٤ / ٣٠٠، والشرح الصغير ٤ / ٤٢٩.
(٣) الفتح ٤ / ٤١٤ـ ٤١٥، وتبيين الحقائق ٣ / ٢٩٥ـ ٢٩٦.
(٤) حديث: " ليس لقاتل شيء. . . . " أخرجه مالك في الموطأ (١ / ٨٦٧ ـ ط الحلبي) مرسلا. وأخرجه البيهقي بلفظ: " القاتل لا يرث " وفي إسناده مقال. وقال البيهقي: شواهد تقويه (سنن البيهقي (٦ / ٢٢٠ ـ ط دائرة المعارف العثمانية) .