للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخْذُ الأَْجْرِ عَلَيْهَا. (١) وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِأَجْرٍ، وَأَنَّهُ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابٌ، وَالآْخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ، وَأَنَّ مَا يَحْدُثُ فِي زَمَانِنَا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِأَجْرٍ عِنْدَ الْمَقَابِرِ وَفِي الْمَآتِمِ لاَ يَجُوزُ. وَالإِْجَارَةُ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ بَاطِلَةٌ، وَأَنَّ الأَْصْل أَنَّ الإِْجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ.

لَكِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجَازُوا الإِْجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ اسْتِحْسَانًا (٢) . وَكَذَا مَا يَتَّصِل بِإِقَامَةِ الشَّعَائِرِ كَالإِْمَامَةِ وَالأَْذَانِ لِلْحَاجَةِ.

١١٠ - وَأَجَازَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَخْذَ الأَْجْرِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَال بِهِ أَبُو قِلاَبَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلاً بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ، (٣) وَجَعَل ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَهْرِ، فَجَازَ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَيْهِ فِي الإِْجَارَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَال: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ. (٤) وَلاَ يَكَادُ يُوجَدُ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ، فَيُحْتَاجُ إِلَى بَذْل الأَْجْرِ فِيهِ. وَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الأُْجْرَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِلَحْنٍ؛ لأَِنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَكْرُوهَةٌ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ


(١) المراجع الفقهية السابقة.
(٢) حاشية ابن عابدين ٥ / ٣٤، ٣٥
(٣) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " زوج رجلا بما معه من القرآن " رواه الشيخان بلفظ: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن " (اللؤلؤ والمرجان ص ٣٣٠) وروي بألفاظ أخرى، وله قصة.
(٤) حديث " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " رواه البخاري وابن ماجه من حديث ابن عباس. (فتح الباري ١٠ / ١٩٩ ط السلفية) .