للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَبَنَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ الْحُكْمَ عَلَى تَغَيُّرِ لَحْمِهَا وَنَتْنِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَوُجِدَتْ مِنْهَا رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ كُرِهَ أَكْل بَيْضِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَحَرُمَ الأَْكْل فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا صَارَتْ مِنَ الْخَبَائِثِ، وَلِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْل لَحْمِ الْجَلاَّلَةِ وَشُرْبِ لَبَنِهَا. (١)

وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ حُرْمَةَ أَكْل بَيْضِ الْجَلاَّلَةِ بِمَا إِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ.

وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يُكْرَهُ أَكْل بَيْضِ الْجَلاَّلَةِ كَرَاهَةً تَنْزِيهً؛ لأَِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ لِتَغَيُّرِ اللَّحْمِ، وَهُوَ لاَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ. قَالُوا: وَهُوَ الأَْصَحُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يَحِل أَكْل بَيْضِهَا لِتَوَلُّدِهِ مِنْ حَيٍّ، وَكُل حَيٍّ طَاهِرٌ. وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَحْمُ الْجَلاَّلَةِ وَلَمْ يُنْتِنْ، بِأَنْ كَانَتْ تَخْلِطُ وَلَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ حَل أَكْل بَيْضِهَا بِاتِّفَاقٍ (٢) .


(١) حديث: " نهى عن أكل لحم الجلالة وشرب لبنها " أخرجه أبو داود (٤ / ١٤٨ ـ ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (٩ / ٦٤٨ ط السلفية) .
(٢) لبدائع ٥ / ٤٠ وابن عابدين ٥ / ١٩٥، ٢١٦، ومراقي الفلاح ص ١٨، والحطاب ١ / ٩٢، والدسوقي ١ / ٥٠، ونهاية المحتاج ٨ / ١٤٧، ومغني المحتاج ٤ / ٣٠٤، والروضة ٣ / ٢٧٨، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ٣٩٩، والمغني ٨ / ٥٩٣، ٥٩٤.