للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ كَيْل الثَّمَنِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ، وَكَذَلِكَ مَئُونَةُ إِحْضَارِ الثَّمَنِ الْغَائِبِ تَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي، إِلاَّ فِي الإِْقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.

وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي أُجْرَةِ نَقَّادِ الثَّمَنِ (١)

فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رِوَايَتَانِ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

فَفِي رِوَايَةِ رُسْتُمَ عَنْهُ: تَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لأَِنَّ النَّقْدَ يَكُونُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَلأَِنَّ الْبَائِعَ هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ، لِيُمَيِّزَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لِيَعْرِفَ الْمَعِيبَ لِيَرُدَّهُ. وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ.

وَفِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْهُ: أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي، لأَِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيمِ الْجَيِّدِ الْمُقَدَّرِ، وَالْجُودَةُ تُعْرَفُ بِالنَّقْدِ، كَمَا يُعْرَفُ الْقَدْرُ بِالْوَزْنِ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ.

وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ.

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ أُجْرَةَ النَّقَّادِ عَلَى الْبَاذِل، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعَ أَمِ الْمُشْتَرِيَ.

قَال الشِّرْبِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَأُجْرَةُ نَقَّادِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، ثُمَّ قَال: وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، لأَِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إِظْهَارُ عَيْبٍ إِنْ كَانَ لِيَرُدَّ بِهِ (٢) .


(١) وهو الذي يرجع إليه في معرفة صحيح النقد من زائفه.
(٢) الهداية ٣ / ٢٧، والشرح الصغير ٢ / ٧٠ - ٧١ ط الحلبي، وجواهر الإكليل ٢ / ٥٠، ومغني المحتاج ٢ / ٧٣، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ١٩١ - ١٩٢، والمغني ٤ / ١٢٦.