للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ: أَنْ يَبِيعَ الْحَضَرِيُّ سِلْعَتَهُ مِنَ الْبَدْوِيِّ، وَذَلِكَ طَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي، فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْضْرَارِ بِأَهْل الْبَلَدِ (١) . وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ تَكُونُ اللاَّمُ فِي وَلاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِمَعْنَى مِنْ - كَمَا يَقُول الْبَابَرْتِيُّ (٢) -: فَهَذَا تَفْسِيرُ مَنْ قَال: إِنَّ الْحَاضِرَ هُوَ الْمَالِكُ، وَالْبَادِي هُوَ الْمُشْتَرِي.

قَال الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّفْسِيرِ، مَا فِي الْفُصُول الْعِمَادِيَّةِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ أَنَّ أَعْرَابًا قَدِمُوا الْكُوفَةَ، وَأَرَادُوا أَنْ يَمْتَارُوا (يَتَزَوَّدُوا مِنَ الطَّعَامِ) مِنْهَا، أَلاَ تَرَى أَنَّ أَهْل الْبَلْدَةِ يُمْنَعُونَ عَنِ الشِّرَاءِ لِلْحُكْرَةِ، فَهَذَا أَوْلَى (٣) .

وَصَرَّحَ الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (٤) ، بِأَنَّ الأَْصَحَّ - كَمَا فِي الْمُجْتَبَى - أَنَّهُمَا: السِّمْسَارُ وَالْبَائِعُ (وَهُوَ التَّفْسِيرُ الأَْوَّل الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:

أَوَّلُهُمَا: مُوَافَقَتُهُ لآِخِرِ الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ: دَعُوا النَّاسَ، يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ (٥)


(١) الهداية بشروحها ٦ / ١٠٧، والدر المختار ٤ / ١٣٢
(٢) شرح العناية على الهداية ٦ / ١٠٨
(٣) رد المحتار ٤ / ١٣٢، وانظر في هذا التفسير أيضا: تبيين الحقائق، وحاشية الشلبي عليه ٤ / ٦٨
(٤) المصباح المنير، مادة: " بيع "، ورد المحتار ٤ / ١٣٣
(٥) الحديث يأتي تخريجه (ف ٤)