للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣١ - فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، يَنْفُذُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَيَمْتَنِعُ فَسْخُهُ وَذَلِكَ:

أ - لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَهُ، فَمَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ.

ب - وَلأَِنَّهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْعَبْدِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي، وَنَقْضُ الْعَقْدِ الأَْوَّل مَا كَانَ إِلاَّ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَحَقُّ الْعَبْدِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يُقَدَّمُ بِإِذْنِهِ تَعَالَى، لِغِنَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَسَعَةِ عَفْوِهِ، وَفَقْرِ الْعَبْدِ دَائِمًا إِلَى رَبِّهِ.

ج - وَلأَِنَّ الْعَقْدَ الأَْوَّل مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ لاَ بِوَصْفِهِ، وَالثَّانِي مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ، فَلاَ يُعَارِضُهُ مُجَرَّدُ الْوَصْفِ.

د - وَلأَِنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ حَصَل بِتَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ الأَْوَّل؛ لأَِنَّ التَّمْلِيكَ مِنْهُ - مَعَ الإِْذْنِ فِي الْقَبْضِ - تَسْلِيطٌ عَلَى التَّصَرُّفِ، فَلاَ يَتَمَكَّنُ مِنَ الاِسْتِرْدَادِ مِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَإِلاَّ كَانَ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُؤَدِّي إِلَى الْمُنَاقَضَةِ (١) .

٣٢ - اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ: الإِْجَارَةَ. فَقَرَّرُوا أَنَّهَا لاَ تَمْنَعُ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ تُفْسَخُ بِالأَْعْذَارِ، وَرَفْعُ الْفَسَادِ مِنَ الأَْعْذَارِ، بَل لاَ عُذْرَ أَقْوَى مِنَ الْفَسَادِ، كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ (٢) .


(١) الهداية وفتح القدير ٦ / ٩٨، و ٩٩، وانظر تبيين الحقائق ٤ / ٦٤، ٦٥.
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ٣٠١، وانظر: الدر المختار ورد المحتار عليه ٤ / ١٢٧.