للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَامِنًا، فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَجَازَ هِبَتَهُ، لَمْ تَجُزْ؛ لأَِنَّ الإِْجَازَةَ لاَ تَلْحَقُ أَفْعَال الإِْتْلاَفِ.

وَهَذَا هُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَ أَبٍ فَإِنْ كَانَ أَبًا فَلاَ يُعْتَبَرُ مُتَعَدِّيًا لأَِنَّ لَهُ حَقَّ تَمَلُّكِ مَال وَلَدِهِ، لِحَدِيثِ: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (١) وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ أَبٍ فَهُمْ مَعَ الْجُمْهُورِ. أَمَّا دَلِيل عَدَمِ نَفَاذِ الإِْجَازَةِ فَلأَِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْوَلِيِّ مَنُوطَةٌ بِمَصْلَحَتِهِ، وَالتَّبَرُّعَاتُ إِتْلاَفٌ فَتَقَعُ بَاطِلَةً فَلاَ تَلْحَقُهَا الإِْجَازَةُ.

١٤ - وَقَدْ وَقَعَ خِلاَفٌ فِي اللُّقَطَةِ إِذَا تَصَدَّقَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ، فَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: إِذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَأْتِ مَالِكُهَا تَمَلَّكَهَا الْمُلْتَقِطُ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ تَصَدَّقَ بِخَالِصِ مَالِهِ. وَمَفْهُومُ كَلاَمِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا قَبْل هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ لَمْ يُعَرِّفْهَا يَكُونُ ضَامِنًا إِنْ لَمْ يُجِزِ الْمَالِكُ التَّصَدُّقَ. وَسَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي شَأْنِ اللُّقَطَةِ: (٢) فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا. وَفِي لَفْظٍ: وَإِلاَّ فَهِيَ كَسَبِيل مَالِكَ. وَفِي لَفْظٍ: ثُمَّ كُلْهَا. وَفِي لَفْظٍ: فَانْتَفِعْ بِهَا.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: إِذَا تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَجَازَ


(١) حديث " أنت ومالك لأبيك " رواه ابن ماجه عن جابر، والطبراني في الكبير والبزار عن سمرة وابن مسعود (الفتح الكبير ١ / ٢٧٧) .
(٢) حديث زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأن اللقطة: " فإن لم تعرف فاستنفقها " أخرجه البخاري ومسلم بألفاظ، ومالك في الموطأ والشافعي عنه من طريقه. (تلخيص الحبير ٣ / ٧٣) .