للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَثَبَتَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وِلاَيَةُ مُطَالَبَةِ الْوَاهِبِ بِالتَّسْلِيمِ، فَتَصِيرُ عَقْدَ ضَمَانٍ، وَهَذَا تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ (١) .

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ، هُوَ الَّذِي يُقَابِل الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَبَّرُوا عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ: وَقِيل: إِنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ (٢) وَهَذَا النَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْهِبَةِ، لَكِنَّ تَعْرِيفَهُمُ الصَّدَقَةَ، كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ قَبْلاً وَمَا يَأْتِي مِنَ الأَْحْكَامِ، يُفِيدُ التَّعْمِيمَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ.

وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، إِذْ قَالُوا: لاَ يَمْلِكُ مَوْهُوبٌ (بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ الشَّامِل لِلصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ) إِلاَّ بِقَبْضٍ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ (٣) .

وَجَاءَ فِي نُصُوصِ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا حَلَفَ لاَ يَهَبُ لَهُ، فَوَهَبَ لَهُ وَلَمْ يَقْبَل، أَوْ قَبِل وَلَمْ يَقْبِضْ لاَ يَحْنَثُ فِي الأَْصَحِّ (٤) .

وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الْقَبُول وَالْقَبْضِ حَتَّى تَصِحَّ الْهِبَةُ وَتَتِمَّ.

وَكَذَلِكَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مُطْلَقًا كَمَا يَقُول الْمِرْدَاوِيُّ. فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَنْوَاعَ الْهِبَةِ: صَدَقَةٌ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٢٣.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ٤ / ١٠١.
(٣) شرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي عليه ٣ / ١١٢، ١٦٠، وشرح المنهج وحاشية الجمل عليه ٣ / ٥٩٨. وقد صرح صاحب حاشية الجمل، بأن هذا الشرط وسائر أحكامه تجري في الهبة المطلقة الشاملة للصدقة والهدية.
(٤) شرح المحلي على المنهاج ٤ / ٢٨٧.