للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا بَيْعُ الذِّمِّيِّ لِلْمَيِّتَةِ، فَإِنْ كَانَ مَوْتُهَا حَتْفَ أَنْفِهَا أَيْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلاَ قَتْلٍ - وَهِيَ: مَا تَنَفَّسَتْ حَتَّى انْقَضَى رَمَقُهَا - فَهِيَ لَيْسَتْ مَالاً بِالاِتِّفَاقِ.

وَأَمَّا مَا لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهِ، بَل مَاتَ خَنْقًا، أَوْ بِمَا يَدِينُ بِهِ الذِّمِّيُّ، وَلَيْسَ تَذْكِيَةً فِي شَرْعِنَا فَالرِّوَايَاتُ مُخْتَلِفَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَفِي فَسَادِهِ: فَالرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْجَوَازُ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ الْفَسَادُ، وَلاَ رِوَايَةَ فِي الْبُطْلاَنِ (١) .

وَأَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ، فَلاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فِي بُطْلاَنِ الْبَيْعِ.

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا (٢) .

وَدَلِيل التَّحْرِيمِ حَدِيثُ: {إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ} (٣)

وَيَحْرُمُ وَلاَ يَنْعَقِدُ بَيْعُ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} (٤) وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَسْفُوحِيَّةِ مُخْرِجٌ مَا سِوَاهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ،


(١) الدر المختار ورد المحتار ٤ / ١٠١.
(٢) الشرح الكبير في ذيل المغني ٤ / ١٣، وانظر أيضا الشرح الكبير للدردير ٣ / ١٠، وشرح المحلي على المنهاج ٢ / ٥٧٠.
(٣) حديث " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة. . . " أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبد الله (فتح الباري ٤ / ٤٢٤ ط السلفية) .
(٤) سورة الأنعام / ١٤٥.