للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال: {نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ حَتَّى تُقْسَمَ} (١) .

وَيَرَى الْفُقَهَاءُ إِبَاحَةَ أَخْذِ الأَْطْعِمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الأَْقْوَاتِ مِنَ الْغَنَائِمِ قَبْل قِسْمَتِهَا لِلْحَاجَةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ، وَلَمْ يُبِيحُوا تَمَلُّكَهَا، وَلاَ تَمَوُّلَهَا - كَمَا عَبَّرَ الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - فَدَل هَذَا عَلَى مَنْعِ الْبَيْعِ، وَلِذَلِكَ بَحَثُوا حُكْمَ بَيْعِهَا عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا.

٢٦ - فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ قَبْل الْقِسْمَةِ أَصْلاً، وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ؛ لأَِنَّ الْغَنَائِمَ لاَ تُمْلَكُ قَبْل الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ الاِنْتِفَاعُ لِلْحَاجَةِ، وَالْمُبَاحُ لاَ يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ، وَهَذَا نَصُّ الْمَرْغِينَانِيِّ فِي بِدَايَتِهِ: وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْل الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ (٢) .

فَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنَ الْمَذْكُورَاتِ الْمُبَاحَةِ لَهُ، كَانَ بَيْعُهُ فُضُولِيًّا عِنْدَهُمْ، فَإِنْ أَجَازَهُ الإِْمَامُ رَدَّ ثَمَنَهُ إِلَى الْمَغَانِمِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَغَانِمُ قَدْ قُسِمَتْ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ إِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيرٍ، لأَِنَّهُ لِقِلَّتِهِ لاَ يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، فَتَعَذَّرَ إِيصَالُهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَيُتَصَدَّقُ بِهِ كَاللُّقَطَةِ. وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَكَلَهُ (٣) .


(١) حديث ابن عباس " نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم. . . " جزء من الحديث المتقدم (ف ٢٧) .
(٢) انظر الهداية شرح البداية بشروحها ٥ / ٢٢٧، وانظر الدر المختار ورد المحتار ٣ / ٢٣٣.
(٣) الدر المختار ورد المحتار ٣ / ٢٣٢، وانظر الهداية بشروحها ٥ / ٢٢٧.