للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا. فَقَدْ يَمْلِكُ الإِْنْسَانُ مَالاً، وَلاَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَالْجَمَل الَّذِي شَرَدَ مِنْ صَاحِبِهِ، فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي هَذِهِ الْحَال، لأَِنَّ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَبِيهٌ بِالْمَعْدُومِ، وَالْمَعْدُومُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ - كَمَا تَقَدَّمَ (١) - فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ.

وَمِمَّا يُمَثِّل بَيْعَ غَيْرِ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ: السَّمَكُ إِذَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ امْتِلاَكِهِ، وَالطَّيْرُ الْمَمْلُوكُ إِذَا طَارَ فِي الْهَوَاءِ، وَالصَّيْدُ إِذَا انْفَلَتَ بَعْدَ صَيْدِهِ، وَمِنْهُ بَيْعُ الْعَبْدِ الآْبِقِ وَالشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ.

وَالآْبِقُ: مَنْ تَرَكَ سَيِّدَهُ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ كَدِّ عَمَلٍ.

وَلِهَذَا قِيل: إِنْ كَانَ هُرُوبُهُ مِنْ خَوْفٍ أَوْ تَعَبٍ، يُقَال لَهُ: هَارِبٌ (٢) .

٣٣ - وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ تَرَدَّدَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْفَسَادِ وَالْبُطْلاَنِ مَعَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: مِنْ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْمُفْسِدِ يَرُدُّ الْعَقْدَ صَحِيحًا، لِقِيَامِ الْعَقْدِ مَعَ الْفَسَادِ، بِخِلاَفِ ارْتِفَاعِ الْمُبْطِل؛ لأَِنَّ الْعَقْدَ مَعْدُومٌ مَعَهُ وَإِنْ رَجَّحَ الْكَمَال مِنْهُمُ الْفَسَادَ، لاِنْعِدَامِ الْقُدْرَةِ فِيهِ عَلَى التَّسْلِيمِ (٣) .

وَعَلَّلُوا فَسَادَ هَذَا الْعَقْدِ:

- بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ (٤)


(١) راجع فيما تقدم (ف ٥ وما بعدها) من هذا البحث.
(٢) حاشية القليوبي على شرح المحلي ٢ / ١٥٩، والمصباح.
(٣) رد المحتار ٤ / ١١٣.
(٤) حديث أبي سعيد: سبق تخريجه (ف ٢٧) .