للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي مَعْنَاهُ وَرَدَ أَيْضًا حَدِيثُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَال: كُنْتُ أَبْتَاعُ التَّمْرَ مِنْ بَطْنٍ مِنَ الْيَهُودِ يُقَال لَهُمْ: بَنُو قَيْنُقَاعَ، وَأَبِيعُهُ بِرِبْحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا عُثْمَانُ إِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكْتَل، وَإِذَا بِعْتَ فَكِل (١) .

كَمَا وَرَدَ أَيْضًا حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. كَانَا يَبْتَاعَانِ التَّمْرَ، وَيَجْعَلاَنِهِ فِي غَرَائِرَ، ثُمَّ يَبِيعَانِهِ بِذَلِكَ الْكَيْل، فَنَهَاهُمَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَاهُ حَتَّى يَكِيلاَ لِمَنِ ابْتَاعَهُ مِنْهُمَا (٢) .

وَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ تَدُل عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مُكَايَلَةً، وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ إِلَى غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهُ بِالْكَيْل الأَْوَّل، حَتَّى يَكِيلَهُ عَلَى مَنِ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي (٣) .

وَنَصَّ ابْنُ الْهُمَامِ عَلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (٤) .


(١) حديث: " يا عثمان إذا اشتريت. . . . " أخرجه أحمد (١ / ٦٢ ط الميمنية) من حديث عثمان بن عفان وأورده الهيثمي في المجمع (٤ / ٩٨ ط القدسي) وقال: إسناده حسن
(٢) حديث يحيى بن أبي كثير أخرجه عبد الرزاق (٨ / ٣٩) وفي إسناده انقطاع بين يحيى بن أبي كثير وبين الصحابي راوي الحديث (التهذيب لابن حجر ١١ / ٢٧٠ ط دائرة المعارف العثمانية)
(٣) نيل الأوطار ٥ / ١٦١
(٤) فتح القدير ٦ / ١٣٩