للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَبَاعَ زَيْدٌ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِخَالِدٍ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ.

وَقَدِ اعْتُبِرَ الْعَقَارُ وَمَنَافِعُ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ قَبِيل الْحَاضِرِ وَلَوْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا يُضْمَنُ فِي الذِّمَّةِ إِذْ لاَ تَثْبُتُ الْمُعَيَّنَاتُ فِي الذِّمَّةِ فَهُمَا نَقْدٌ بِهَذَا الْمَعْنَى. أَيْ حَاضِرٌ يُنْقَدُ وَلاَ يَثْبُتُ بِالذِّمَّةِ.

ج - تَأْخِيرُ رَأْسِ مَال السَّلَمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ عَيْنٌ، فَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَوَجْهُ كَوْنِ هَذَا مِنَ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَغَل ذِمَّةَ صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ (١) .

أَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَال غَيْرَ عَيْنٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ.

فَكُل وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلاَثِ يُقَال لَهُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لُغَةً، إِلاَّ أَنَّ فُقَهَاءَ الْمَالِكِيَّةِ سَمُّوا كُل وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ.

هَذِهِ أَقْسَامُ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْكَامُهَا.

أَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمَدِينُ حَيًّا حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ، وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الأَْحْكَامُ (أَيْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ) ، وَبِيعَ الدَّيْنُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ بِيعَ بِجِنْسِهِ وَكَانَ مُتَسَاوِيًا، لاَ أَنْقَصَ وَلاَ أَزْيَدَ، وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلاَ عَكْسَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ.


(١) حاشية الدسوقي ٣ / ٦١ - ٦٣ مع تعليقات الشيخ عليش