للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ - كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ - وَلأَِنَّهُ مَالٌ رِبَوِيٌّ، بِيعَ بِمَا فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْمِقْدَارِ، فَلَمْ يَجُزْ كَبَيْعِ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ.

وَلأَِنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ - وَهُوَ اللَّحْمُ - بِمَجْهُولٍ وَهُوَ الْحَيَوَانُ، وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ، كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ (١) .

فَهَذَا قَوْل مَالِكٍ، وَهُوَ مَحْمَل الْحَدِيثِ عِنْدَهُ: أَنْ يُبَاعَ حَيَوَانٌ مُبَاحُ الأَْكْل بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَيْضًا الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بِلاَ خِلاَفٍ.

وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْبَيْعَ، وَلَكِنْ: مِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَهُمَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (لأَِنَّ أَحَدَهُمَا مَوْزُونٌ، وَالآْخَرُ مَعْدُودٌ) فَبَنَوْا عَلَيْهِ جَوَازَ بَيْعِهِمَا مُجَازَفَةً، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، لأَِنَّهُ بَاعَ الْجِنْسَ بِخِلاَفِ الْجِنْسِ.

وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا، وَبَنَوْا مَذْهَبَهُمَا - أَيْ مَذْهَبَ الشَّيْخَيْنِ - عَلَى أَنَّ الشَّاةَ لَيْسَتْ بِمَوْزُونَةٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالآْخَرِ، مُجَازَفَةً وَمُفَاضَلَةً؛ لأَِنَّ رِبَا الْفَضْل يَعْتَمِدُ اجْتِمَاعَ الْوَصْفَيْنِ: الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ، لَكِنْ بِشَرْطِ التَّعْيِينِ


(١) انظر شرح المحلي على المنهاج ٢ / ١٧٤، ١٧٥، وكشاف القناع ٣ / ٢٥٥، والمغني ٤ / ١٤٦ - ١٤٩، والشرح الكبير في ذيله ٤ / ١٤٦، والشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي عليه ٣ / ٥٤، وشرح الخرشي ٥ / ٦٨، والقوانين الفقهية (ص ١٦٩)